للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعرف التهم التي كانت ضده بالضبط، فهل كانوا يخشون من رحمانيته أو عدائه الواضح للإداريين المحليين؟ هذا مع اعتراف الفرنسيين أن جده وأباه قد خدماهم في نطاق القضاء (١).

ولكن الحرب العالمية الأولى وجدت الرحمانية مستعدة كغيرها للإعلان عن تأييد فرنسا ضد تركيا وألمانيا، والزوايا الثلاث التي أعلنت رأيها كلها (جنوبية) حسب تعبير الفرنسيين، وهي زاوية الهامل وزاوية طولقة وزاوية أولاد جلال، ولا ندري لماذا لم نجد اسم زاوية وادي العثمانية التي أخذ شيخها ابن الحملاوي بركة الشيخ الحداد، كذلك لا نجد اسم زاوية باش تارزي في قسنطينة التي كانت (الأم) لعدد من زوايا الجنوب في وقت سابق.

فقد وجه شيخ زاوية طولقة عندئذ عمر بن علي بن عثمان، نداء إلى إخوانه الرحمانيين والمسلمين عامة قائلا إن بين زاويته والدولة الفرنسية علاقات وثقى (حتى صرنا معها (الدولة الفرنسية) كالأصابع الملتصقة بالراحة، فنحن وإياها ذات واحدة (وهذا تعبير صوفي بدون شك) وما يصيب أحد الطرفين يؤلم الآخر). وبعد هذه اللغة الصوفية - السياسية، وصف الشيخ عمر موقف تركيا بأنه مخز، ووصف ألمانيا بالتوحش، وقد تنبأ بسقوط الخلافة التي اغتصبها الأتراك، وأورد الشيخ عمر رؤيا غريبة حول الحرب وانضمام تركيا إلى معسكر الظالمين، كما قال، وبذلك تخرج الخلافة من يدها لأنها اغتصبتها اغتصابا، كما تنبأ بانتصار فرنسا، وأخبر أتباعه بأنه يدعو (لدولتنا الجمهورية العزيزة بالنصر آناء الليل وأطراف النهار) (٢) ويذكرنا موقف زعماء الطرق الصوفية سنة ١٩١٤ بموقف زعيم حزب الشعب، مصالي الحاج، من فرنسا سنة ١٩٣٩، فهو وإن لم يدع بالنصر لها لأنه كان


(١) كور (بحوث ...) مرجع سابق، ص ١٢١ - ١٢٣.
(٢) مجلة العالم الإسلامي، R.M.M (ديسمبر ١٩١٤). ص ٢٢٢، مما يذكر أن الحاكم العام الجديد للجزائر، وهو شارل لوطو، قد زار زاوية طولقة سنة ١٩١٣، وقيل إن الشيخ عمر بن عثمان قد احتفى به، انظر (التقويم الجزائري) للشيخ كحول، سنة ١٩١٣، وقد تضمن هذا العدد صورة الحدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>