للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستعدين للدفاع عن فرنسا ولا للاعتراف بجميلها وأفضالها كما أراد بعض الشيوخ، كما أن شيخ زاوية سيدي منصور في بني جناد بزواوة، وهو أحمد بن محمد الداودي، قد وجه نداء إلى أتباعه والمسلمين كافة لمساندة فرنسا والوقوف ضد ألمانيا، ولم يتعرض للأتراك، وقال عن فرنسا إنها احترمت العادات والتقاليد (ونحن في خير وعافية وبسط ورغد عيشة وافية). وإنها فعلت مع الجزائريين ما تفعله الأم بأولادها (١).

لقد مرت الطريقة الرحمانية، كغيرها من الطرق، بمراحل وهزات. وكان عليها أن تتأقلم مع الظروف الجديدة، ومنها الانقسام المراد لجميع الطرق والتشتت، ومنها الضعف العام والتنافس مع بعضها ومع بعض الطرق الأخرى، تنافسا ذاتيا أحيانا أو محركا من قبل السلطات الفرنسية أحيانا أخرى، وقد لعبت هذه السلطات أوراق الطرق القادرية والتجانية والطيبية والرحمانية لصالحها، وحتى الشيخية والسنوسية، وذلك بالدس والتحريض، والترفيع والتخفيض، والتحريش والتهويش، وكان المشائخ أحيانا أدوات طيعة، والأتباع الجهلة مطايا ذليلة، فكان المستفيد الوحيد من ذلك هو الاستعمار الفرنسي أولا وأخيرا، وكان الخاسر هو الدين الإسلامي الذي تزعم تلك الطرق أنها تدافع عنه وتتولاه، ومهما كان الأمر فإن لكل طريقة سجلها الفخري أو غير الفخري في خدمة الدين والبلاد أو خدمة الإدارة الفرنسية.

وستتضح السجلات بشكل أكثر وضوحا عند دراستنا لبقية الطرق الصوفية.


(١) مجلة العالم الإسلامي، مرجع سابق، ص ٢٦٢، والشيخ أحمد قد يكون هو أحمد بن محمد السعيد البويوسفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>