للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تريد منها أن تفعل ذلك، خشية العذال والشامتين والحاسدين، إنه الغزل العذري فقط وليس الزواج!.

يقول (رين): لا يمكن لمحمد الصغير التجاني ولا الحاج علي أن يكونا نصيرين للمسيحيين بعد الأتراك، لكنهما تابعا الاحتلال الفرنسي بانتباه، وعرفا أن المسلمين عليهم أن يقبلوا الاحتلال إلى أن يأتي وقت آخر، ما دام الفرنسيون يتركونهم ي عبد ون ربهم ويعتمدون على العدالة والمساواة الفرنسيتين، لقد كانا ينظران إلى مؤسساتنا نظرة تعاطف، وقد اتخذنا نحن منهما موقفا واضحا منذ ١٨٤٠ (أي منذ إعلان الحرب الطاحنة ضد حركة الجهاد بقيادة الأمير علي يد فاليه ثم بوجو). ذلك أن محمد الصغير التجاني قد عرض على فاليه دعمه الروحي والمادي ضد الأمير (١). من هنا بدأت (١٨٤٠) الصلة بين التجانية والفرنسيين، وهذه اللغة التي يعلن عنها (رين) ستتكرر في الوثائق الفرنسية، سنجدها عند كل من عالج موضوع الطرق الصوفية ومواقفها من الاحتلال، وعند السياسيين أيضا أمثال جول كامبون، الحاكم العام في تأبينه (سنة ١٨٩٧) للشيخ أحمد التجاني نجل محمد الصغير، وأمثال روجي ليونار R. Leonard الحاكم العام الآخر سنة ١٩٥٢، كما سنرى، ولذلك قلنا إن هذه الصلة قد استغلت عن حق أو عن باطل، أبشع استغلال، وإذا كان قادة التجانية يعلمون ذلك، فإن الأتباع كانوا يجهلون هذه الصلة التي اتصلت منذ ١٨٤٠ والتي كان من الممكن أن تنقطع لو أعلن أحد الطرفين الهجران والتخلص من هذا (الغزل) (٢).

ولعلنا أطلنا في هذا المدخل عن علاقة التجانية بأحداث البلاد منذ الاحتلال إلى حوالي ١٨٤٠، فقد كان من الممكن أن يدخل حصار عين ماضي التاريخ ويهمش كما دخل التاريخ وهمش حادث الدوائر والزمالة،


(١) رين، مرجع سابق، ص ٤٢٧، توجد رسائل التجاني إلى المارشال فاليه في (مراسلات فاليه). خمسة أجزاء، الجزائر.
(٢) وقد نوه عدد آخر من الكتاب والعسكريين بدور محمد العيد التماسيني، مثل هنري دو فيرييه، وبدور محمد العروسي، مثل الضابط فورو.

<<  <  ج: ص:  >  >>