للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة، ومن جهة أخرى، فلأن الشيخ أحمد التجاني لم يكن الرجل المؤهل لهذا المنصسب (الخليفة أو الشيخ) لعدة أسباب، منها، في نظر رين، (سوابقه) أي تداخله أيام ثورة أولاد سيدي الشيخ، و (سلوكه). ونحن لا ندري إلى أي شيء يشير (رين) بذلك، ولعله كان يلمح إلى ما أشيع من أن الشيخ أحمد كان يتناول الخمر في قصره أو إلى موقفه المشبوه أيام ثورة ١٨٦٤، وأخيرا فإن عمره لم يكن سوى أربع وعشرون سنة، ولا ندري لماذا لم يذكر رين أيضا كون الشيخ أحمد كان متزوجا من الفرنسية أوريلي بيكار، وخلاصة رأي رين، الذي هو رأي السلطة الفرنسية، أن الشيخ أحمد لم يكن الرجل الذي يتوفر على (القوة المعنوية) لأخذ أمور الطريقة بين يديه وادارتها بسلطة ونجاح (١).

كان محمد الصغير بن الحاج علي في الخامسة والستين من عمره حين تولى مشيخة الطريقة التجانية في زاوية تماسين، وقد جاء في وقت كان فيه نشاط الطريقة السنوسية في الجنوب الشرقي وفي ليبيا وإفريقيا كبيرا ويشكل خطرا على السلطات الفرنسية، وكان على التجانية أن تبذل جهدها بالتعاون مع فرنسا لوقف تقدم السنوسية ووقف دعاية الجامعة الإسلامية، ولذلك كان لا بد من اختيار شخصية ناضجة ومتفهمة وحكيمة، وهذه الأوصاف تتوفر، حسب المصادر الفرنسية في محمد الصغير بن الحاج علي، فقد جمع، حسب قولهم، كل الخصائص المطلوبة، من ورع وعلم وفضيلة، وهو أيضا رجل متسامح في فكره، وبسيط في مظهره، رقيق الحاشية، كما أنه أظهر، مثل أخيه محمد العيد، إرادة خيرة نحو الفرنسيين وإخلاصا كاملا لهم، ولكي لا يتداخل شخصيا في الأمور السياسية والعلاقات العامة، جعل أخاه، معمر بن الحاج علي، سندا له وعينه للقيام بدور السفير والمتحدث الرسمي باسمه ورئيس المراسيم، كما كان معمر يقوم بشؤون الموظفين وكل القضايا المادية، ويلاحظ رين على معمر أنه كان ذا قيمة ثقافية، ولكنه كان خشنا في ظاهره.


(١) رين، مرجع سابق، ص ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>