ومحمد بن بلقاسم الهاملي، وسعيد بن أبي داود ... كلهم متعاصرون، وكلهم حاولوا التعليم عن طريق الزوايا، وكأنهم كانوا على اتفاق وبرنامج موحد، ولكن تجربتهم لا تقاس بتجربة مصطفى بن عزوز في نفطة ولا بتجربة محمد بن علي السنوسي في جغبوب لحرية التعليم في تونس وليبيا وسيطرة الاستعمار في الجزائر، ولم يذكر ابن بكار أن خليفة الشيخ طكوك الأول هو أخوه، كما ذكر ديبون وكوبولاني، وإنما ذكر ابنه أحمد مباشرة. فقال (وبعد وفاته خلفه ابنه أحمد بن طكوك). ولم يذكر شيئا أيضا عن الاعتقالات التي تعرض لها الشيوخ الثلاثة، لماذا؟ وقد لاحظ ابن بكار، الذي كان من أتباع الزاوية الطيبية، إن الزاوية الطكوكية اشتهرت بالعلم، وبتحفيظ القرآن في زمن أحمد بن طكوك، والظاهر أن عهد هذا الابن قد طال أيضا مثل والده، إذ يقول ابن بكار أنه عاش إلى أوائل النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وتوفي عن ٨٠ سنة، والغريب أن ابن بكار لم يقل إن زاوية طكوك سنوسية، بل قال إنها قادرية - شاذلية، فلماذا هذا التعتيم أيضا؟.
وفي هذا الجو الاضطهادي المتميز بين الطرق الصوفية لا يمكن أن يكثر الأتباع في الجزائر بالآلاف، كما حدث مع الطرق المخلصة للإدارة أو الجامدة أو الثائرة التي عرفناها، ففرع طكوك من الزاوية السنوسية كان يعيش على الهامش بين الزوايا والطرق، ولعله لم يكن يعلن أنه سنوسي أصلا، وكان يكتفي بأنه قادري أو شاذلي، كما لاحظ ابن بكار، لأن السنوسية طريقة (أجنبية) وخصمة لفرنسا. ومع ذلك كان الفرنسيون يحسون بالعلاقات بين الزاوية الأم وهذا الفرع اليتيم في موطن السنوسي الأصلي، ولذلك فنحن لن نذكر (ملايين) أتباع السنوسية في العالم، كما قال بعضهم، ومئات الزوايا والمقربين والوكلاء، يقول إحصاء رين سنة ١٨٨٢ أن عدد إخوان السنوسية في الجزائر حوالي ٤٨٠ فردا، ولهم زاوية واحدة (زاوية طكوك) وثلاثون مقدما، وقد صنف رين زاوية طكوك ضمن الطريقة الخضرية، وبعد عشر سنوات ذكر ديبون وكوبولاني (١٨٩٧) أن للسنوسية ٩٥٠ إخوانيا، وعشرين مقدما، وشيخا واحدا وزاوية واحدة.