للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البكائية والسياسة، فإنهم وقفوا مع الشيخ ماء العينين الشهير آخر القرن الماضي، وكان قادريا وبكائيا، وكذلك تزعم الشيخ عابدين الطوارق ودعاهم للجهاد ضد الأجانب، وكان أيضا بكائيا (١).

والبكائية ينتمون إلى جدهم الكنتي، عمر بن أحمد البكاي الذي عاش في القرن ١٦ م (ولد سنة ١٥٠٤). وكان عمر هذا هو الناشر لورد الطريقة القادرية الذي أخذه عن الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي الداعية الإسلامي الشهير، وتسمى البكائية هناك بالمختارية نسبة إلى الشيخ سيدي المختار الكبير الذي جدد الطريقة في آخر القرن ١٨ وأوائل ١٩، وكانت القادرية الكونتية قد عارضت نشاط التجانية في الناحية، وكان تحالفهما مع الأجانب مختلفا أيضا، قلنا إن القادرية انتشرت على يد المغيلي هناك وفي النواحي الصحراوية والسودانية، وقد أخذها عنه في البداية الشيخ أحمد البكاي الجد، ولكنه لم يعمل على نشرها كما فعل ابنه عمر البكاي الذي أصبح داعية كبيرا للقادرية بعد أبيه وبعد المغيلي، وكان للبكائية زوايا في توات وتمبكتو وغيرهما.

أما أحمد البكائي الحفيد فقد ولد سنة ١٨٠٣، ودرس على جده الشيخ المختار الكنتي، ومند حوالي ١٨٤٧ أصبح أحمد البكاي هو زعيم الطريقة القادرية بلا منازع في الناحية، وأصبح له نفوذ روحي وزمني كبير، وقصده المستنجدون والرحالة الأجانب، وفاوض على أن تكون تمبكتو هي المدينة التي يديرها أهل سنغاي، وقد زارها الرحالة بارث سنة ١٨٥٣ فوجد ذلك النظام هو السائد في تمبكتو، واستقبل البكاي بارث، وهو الذي أعطاه من مشى معه مسافة طويلة كما أعطاه عهد الأمان، وامتد نفوذ البكاي إلى سكوطو وبحيرة تشاد، وقد أشاد به بارث على أنه متسامح وذكي ومتفتح الذهن والروح، وإنه كان فضوليا يحب المعرفة حيثما وجدها، وحين سمع باحتلالط الفرنسيين لورقلة أعذ البكاي حملة ضدهم، ولكن بارث نصحه


(١) ديبون وكويولاني، مرجع سابق، ص ٢٧٦، ومحمد مصطفى ماء العينين توفي حوالى ١٣٧٨ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>