أنفسهم عن طريق تخصيص يوم أو أكثر لها، فهو عندهم عمل مجاني لله، ومن أجل بركة الشيخ عند أصحاب الزاوية، ولكنه في المفاهيم الحديثة هو نوع من السخرة الممنوعة، ومهما كان الأمر فإن الزاوية تجني من وراء ذلك المال والثمرات من مختلف الإنتاج الذي تأتي به الأرض. ولم يكن للزاوية إلا الأرض، فهناك أيضا العقارات كالدكاكين والمحلات الأخرى التي يذهب ريعها للمرابط والزاوية. هذا النوع من الوقف قد توقف في العهد الفرنسي بعد أن استولت الإدارة الاستعمارية على جميع أحباس الزوايا وضمتها إلى أملاك الدولة، في المدن أولا ثم في الأرياف، ولذلك اعتمدت الزوايا على طرق أخرى في التمويل والعيش والانتشار.
ومن ذلك حق الزيارات، وقد شرحنا هذا اللفظ من قبل والذي يعني ما يأتي به الزائر من عطية أو صدقة أو هبة للزاوية وصاحبها، والزيارات على هذا النحو خاصة بكل فرد تابع للطريقة (إخواني). فكل من جاء للتبرك أو السؤال أو زيارة قبر الشيخ، يأتي معه بمبلغ من المال، أو يقدم عينا من كل نوع يستطيع، من الملابس إلى المواد الغذائية إلى الحيوانات المختلفة، وهناك الزيارات المنظمة أو الموسمية التي يحددها الشيوخ والمقدمون، حسب طبيعة المنطقة ومواقيت جني المحاصيل وحصول الناس على مداخيلهم، كأوقات الزكاة، ومواسم الزواج والأفراح، وتكون الزيارات في هذه الحالة جماعية، وما يأتي منها مبالغ محددة لكل فرد، أو لكل عرش أو قبيلة.
وهناك نوع آخر من المداخيل يحصله، في مواسم معينة، الشواش والوكلاء باسم كل طريقة، إذ يذهب هؤلاء موسميا، وبأمر من الشيخ أو المقدم، لتحصيل المستحق على الأفراد أو الجماعات من الإخوان، وإذا رجع الشيخ من الحج، أو صح بعد مرض، أو احتفلت الزاوية بإحدى المناسبات، فإن على الإخوان واجب التبرع والزيارة أيضا وتقديم ما عليهم إلى شيخ الطريقة، كل حسب استطاعته، وقد عرفنا أن من بين المناسبات التي تجمع فيها الأموال أو الأعيان هو الحضرة التي تعقد مرة أو أكثر في