للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكتب، ولكن الدراسات أثبتت للفرنسيين بالتدرج أهمية المرابطين والطرق الصوفية في الحياة السياسية واليومية للناس فرأوا أن تضييق الخناق هو الوسيلة العملية للسيطرة عليهم ومراقبتهم.

وسلك الفرنسيون أفانين من التصنيفات في هذا المجال، فبدلا من اشتراط الرخصة وقع تخفيض عددها، وبدلا من منح الرخصة في عين المكان ودون إجراءات من السلطات المحلية، كالبحث عن هوية الزائر والمزور، وعلاقاتهما، وتاريخ الطريقة، ونوع الزيارة، أصبح الضباط المسؤولون في عين المكان، ثم من فوقهم في المقاطعة من جنرالات وولاة، هم الذين يمنحون الرخصة، وبذلك لم يعد من السهل الحصول على الرخصة إلا بعد إجراءات بحثية وتنقلات مكانية، وانتظار طويل، وزيادة في التصعيب سحب أحد الحكام العامين (ألبير قريفي A. GREVY) سنة ١٨٨٠، حق منح الرخصة من هؤلاء جميعا، ومنع الزيارة مبدئيا على أساس أنها تدخل في مجال التسول وطلب الصدقات، ولم يجزها إلا في حالات استثنائية، وقد أثبتت الحالات الاستثنائية أنه لم يكن صادقا في اعتبارها (شحاتة) أو تسولا، لأن الذين أجاز لهم فيما بعد ليسوا مساكين ولا متسولين، رغم أن الزيارات، بالطريقة التي أصبحت عليها عند بعض الطرق، هي فعلا نوع من الاستغلال لعرق الناس ونوع من الاستجداء، والحالات الاستثنائية عند هذا الحاكم العام هي التي تقررها الحكومة لأسباب سياسية، وفي هذه الحالة تعطى الرخصة لشيخ الطريقة الصديقة لفرنسا أو التي تنتظر منها فرنسا خدمة ما، ويقول الفرنسيون بأنه منذ هذا التاريخ لم تعط الرخصة إلا في حالات نادرة جدا (١).

وقد ذكر رين أربع حالات منحت فيها السلطات الفرنسية الرخصة بالزيارة لبعض الطرق الصوفية، الحالة الأولى لشريف وزان، شيخ الطيبية، وذلك بطلب من الوزير الفرنسي في طنجة، ويبررون ذلك بأن الزيارة كانت


(١) رين، مرجع سابق، ص ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>