الضرائب على المسلمين، وأن الحكم الإسلامي غير موجود، وإذن فإن المال الذي كان يدفع لبيت المال أصبح حلالا على أصحاب الطرق عن طريق الزيارات، فالزيارة إذن أصبحت واجبة عند أصحاب الطرق، وأشاعوا في الناس ذلك حتى أصبح عقيدة عندهم وهي أن خلاصهم من عذاب الله يمكن في دفع الصدقات للزاوية، وكانت الزيارة في الماضي مستحبة فأصبحت في عهد الحكم غير المسلم واجبة، فدفع العشور والزكوات والصدقات الدينية إنما هو للمرابط أو الشيخ أو المقدم، وأما الغرامة فهي للحاكم الفرنسي، وليس للزيارة مبلغ محدد، وهي عادة بين عشرة ومائة فرنك، وقد تكون أكثر، بحساب القرن الماضي، وكانت قطعة الخمسة فرنك هي ما يدفعه الخماس أو الفلاح للمقدم، مرة في السنة، عند موسم الحصاد في الصيف وعند نهاية العمل في الخريف، وهناك من يدفع مبالغ اعتبارية تدخل في الجاه والثروة والمكانة للدافع، ذلك أن الدافعين قد يكونون من الموظفين البارزين، قبل زوال نعمتهم، وقد يكونون من رؤساء الأعراش وأصحاب الخيام الكبيرة الذين يدفعون للشيخ من أجل الحماية المعنوية والعقيدة في البركة والدعم السياسي.
وهناك عناوين أخرى للدفع إلى الزاوية، منها العمل الجماعي كالتويزة، ومنها العمل اليومي الفردي لصالح الزاوية وأرضها بدون مقابل، وهناك (المعونة) التي تدفع عند المهمات والمناسبات والكوارث، ولكن الزيارة تظل هي المصدر الأساسي والدائم للزاوية وأصحابها، وهي عنوان ولاء والتزام الإخوان نحو شيخهم، ويذكرون أن الاحتفال بدخول (الأخ) إلى الطريقة وبإعطائه الجائزة من الشيخ تأتي معه صدقة أيضا غير محدودة إلى الشيخ.
وقد بالغ الفرنسيون في حساباتهم لهذه (الضرائب) الدينية المدفوعة للطرق الصوفية بدل أن تدفع لهم، أو تبقى عند أهلها، فوجدوا أن أكثر من سبعة ملايين من الفرنكات بحساب القرن الماضي، كانت تدفع للطرق الصوفية، واعتبروا أن ذلك خطر سياسي داهم، قائلين إنه يجعل من الطرق