للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكرى وأولاد سيدي الشيخ وسعيد عتبة.

وقد لخص بيرك دورة الطرق الصوفية في الجزائر في ثلاث مراحل: مرحلة ١٨٣٠ - ١٩٠٠، وخلالها كانت الطرق ورؤساؤها معارضين للاحتلال بأساليب مكشوفة أحيانا ومقنعة أحيانا أخرى، والمرحلة الثانية بين ١٩٠٠ - ١٩٢٠ (١). وخلالها تبنت فرنسا سياسة جديدة نحو الطرق الصوفية ورجال الدين واعتمدت عليهم بطريقة مكشوفة، فاعلنوا خضوعهم وتحالفوا معها وساهموا في التهدئة العامة خلال الحرب الكبرى (١٩١٤ - ١٩١٨). أما المرحلة الثالثة التي تبتدئ من سنة ١٩٢٠ فقد اضطرب فيها رأي بيرك، فقال مرة إن هذه الطرق قد أظهرت علامات الخروج عن الخط في بعض المناطق، ثم أصبحت الظاهرة أكثر شمولية سنة ١٩٣٠، وفي مكان آخر ذكر أن الحركة الاصلاحية قد حلت محل الطرق الصوفية في الدور الذي سماه عملية التطهير الدوربة في المجتمع.

ومهما كان الأمر فإن بيرك يجعل قانون الأرض لسنة ١٨٦٣ حجر الزاوية في التطور الاجتماعي، فقد انتهى، في نظره، عهد الأجواد وفتح عهد المرابطين ورجال الزوايا، أو بالأحرى فإن القانون قضى على الارستقراطية السيفية ونشط الارستقراطية الدينية - الثيوقراطية، ويستعمل بيرك أحيانا عبارة انتصار رجل الدين منذ ١٩٠٠، أو انتصار الزاوية على البرج الاقطاعي، الأول رمز للطرق الصوفية والمرابطين والثاني رمز للتحصن والحكم والسلطة، فقد أصبح الناس يطيعون الزاوية بدل طاعة البرج الاقطاعي (أي القياد والخلفاء والباشغوات).

ونختم الحديث عن رأي بيرك في موضوع الطرق الصوفية بملاحظتين، الأولى أنه يذهب إلى أن شخصية المرابط في الجزائر أقوى من العقيدة أو الفكرة الصوفية نفسها عند الناس، فالناس لا يهمهم الجديد الذي يأتي به


(١) عن هذه المرحلة انظر دعوة رجال الدين والمرابطين إلى تأييد فرنسا خلال الحرب الأولى في (مجلة العالم الإسلامي). عدد ديسمبر ١٩١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>