للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمغروطي مثلا أن يصفها أواخر القرن العاشر واكتفى بالقول إنها كانت تحت النصارى وإن لم يظهر له منها، وهو يعبر البحر، غير الأبراج، وهو يعني أنه لم يشاهد فيها المآذن الإسلامية. واكتفى بيري رايس بالقول بأن وهران كانت مدينة كبيرة وأنها في وقته تحت الإسبان هي والمرسى الكبير. أما أبو راس فقد قال عنها إنها كانت في القديم كثيرة العلماء والمدارس والمآذن. ولكنه قال عن مدارسها (درسها الكفرة وعفوا رسمها). ولا شك أنها قد أصبحت كثيرة السكان المسلمين بعد فتحه (١) آخر مرة على يد الباي محمد الكبير وانتقال كرسي الحكم من معسكر إليها، وقد قدر الفرنسيون سكان وهران قبلهم حوالي خمسة وعشرين ألف نسمة لم يبق منهم حين دخلوها سوى ثلاثة آلاف وتسعمائة شخص جلهم من اليهود (٢).

...

ويمكننا القول، بعد دراستنا لبعض المدن الرئيسية والإقليمية، أن نقول إن المجتمع الجزائري خلال العهد العثماني كان مجتمعا مدنيا، بمعنى أن المدينة كانت تلعب دورا بارزا في حياة السكان وقد بلغ عدد سكان الجزائر، حسب معظم التقديرات، حوالي خمسة ملايين نسمة، وكان عدد العثمانيين فيها اثني عشر ألف نسمة، وكان التطور الاقتصادي والعمراني لبعض المدن قد جعل الريف يتمدن شيئا فشيئا وأخذ الناس يخرجون من طور القبيلة والعرش والدوار إلى طور المدينة والتعايش السكاني المتكامل. حقا أن هذه


(١) أثناء فتحها الأول سنة ١١١٩ كان الباي مصطفى بوشلاغم الذي جعلها هي عاصمة الإقليم يحتكر التجارة ويتاجر مع الأوروبيين فكان له ما لا يقل عن ثلاثة آلاف من الكراغلة وعدد آخر من الزنوج والأسرى المسيحيين والمسلمين الجدد (المرتدون عن المسيحية) والعرب يعملون في تجارته وأراضيه الواسعة التي كان يحرثها ثلاثة آلاف زوج من الثيران. كما كان أولاده يساعدونه على ذلك. وقد ظل في حكم معسكر ووهران ثلاثين سنة. انظر لافاي، الطبعة الإنكليزية.
(٢) من كتاب (وهران تحت قيادة ديميشال) باريس ١٨٣٥، ٢٠٧. ذكر هذا المصدر أن عدد اليهود بها كان ٣٥٠٠ وأن عدد الحضر (مائتان) فقط والباقي من الزنوج. ومعنى هذا أن أهل وهران قد فروا من وجه الفرنسيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>