للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدارة شؤون الأهالي لما له من أهمية اقتصادية أو سياسية كالزكوات والأعشار والمواريث والديات.

فالزكاة تولتها الإدارة الفرنسية باعتبارها هي الضرائب الإسلامية، وقد أضافت إليها ضرائب أخرى مدنية، أطلقت عليها اسم (الضريبة العربية). فزكاة الحبوب والماشية كانت تجمع من قبل الجباة الفرنسيين في مواسمها، وبطريقة منتظمة، ولا دخل لرجال الدين في ذلك، وأما المواريث (التركات) فقد تولتها المحاكم الفرنسية، بعد أن انتزعتها من القضاة المسلمين.

وكان الحج قضية سياسية منذ بداية الاحتلال، من جهة كان الحج مدرسة دينية - سياسية في حد ذاتها يستفيد منه المسلمون باجتماعهم في أقدس مكان عندهم كل سنة، ومن جهة أخرى، كان بعض الحجاج الأحرار لا يعودون من الحجاز ويفضلون البقاء هناك على العيش تحت النظام الفرنسي، وكان الحجاج يركبون سفنا غير فرنسية في أول الأمر، وقد تفطن الفرنسيون إلى ذلك فأصدروا قرارا بمنع الحج في غشت (أوت) سنة ١٨٣٨ سواء كان رسميا أو حرا، ذلك أن بعض الذين كانت الإدارة تنظم حجهم كانوا أيضا لا يرجعون، وتوقفت الإدارة عن إعطاء الرخص للحج الحر، وظهرت أصوات منددة بهذا المنع لإحدى الشعائر الدينية المقدسة، وقرر بعضهم الذهاب إلى الحج مهما كانت العقوبة، ومع ذلك أكد الفرنسيون في مرسوم ٤ ابريل ١٨٥٦ مرسوم غشت ١٨٣٨، ثم وقع التخفيف الجزئي منذ ١٨٥٨ إذ صدر مرسوم آخر يمنح الرخص للحجاج الأحرار بشرط الخضوع لشروط معينة، ومن هذه الشروط التحريات الدقيقة عن أصل الحاج وسلوكه وأملاكه وأخلاقه، ومعنى ذلك ضمان رجوعه إذا سافر وضمان عدم تأثره بالأفكار (الأجنبية) في الحج، فالحجاج أصبحوا عندئذ هم الذين تختارهم الإدارة بنفسها (١).


(١) رسالة إبراهيم الونيسي عن القضايا الوطنية في جريدة (المبشر). معهد التاريخ، جامعة الجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>