للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظائف إدارية، وقد نافح على الخصوص في موضوعين هامين، وهما: القضاء الإسلامي، والتعليم باللغة العربية، وقد عضده في ذلك زميله الطبيب محمد بن العربي، وكان من أعيان العاصمة (١). كما قدم حميدة بن باديس عريضة هامة حول القضاء، وكتب محمد بن الحاج حمو مشروعا لإصلاح القضاء الإسلامي، وقدمه إلى اللجنة المذكورة سنة ١٨٩٣، وكان الحاكم العام جول كامبون، أكثر تفهمأ من سلفه، لشكوى الجزائريين عموما، وكانت السياسة الفرنسية نفسها تمر بمرحلة مراجعة سواء في الجزائر والصحراء أو في المشرق العربي والإسلامي، ولذلك شهدنا نوعا من الترضيات خلال هذا العقد، ولكن لم تبلغ حد الاستجابة لمطالب الجزائريين (٢).

وفي فاتح هذا القرن وجدنا شكوى جماعية ضد قانون ١٧ ابريل ١٨٨٩ من القضاة المسلمين الذين قدموا عريضة إلى الحاكم العام شارل جونار حوالي سنة ١٩٠٥ يطالبون فيها بضرورة رفع رواتبهم، والغريب أن هؤلاء القضاة لم يقدموا مشروعأ للإصلاح واستعادة نفوذهم في القضاء الإسلامي، ولكنهم طالبوا بزيادة الراتب فقط، ومع ذلك فقد كاكا نقدهم مرا لقانون ١٨٨٩ الذي يبدو أنه ظل هو الأساس في العلاقات بين القضاة المسلمين والفرنسيين وفي موقف الحكومة الفرنسية من تطبيق الشريعة الإسلامية حتى بعد قرار فصل الأديان عن الدولة (باستثناء الإسلام).

قال القضاة في شكواهم المذكورة: إن القاضي قد انحطت قيمته وهيبته بين الناس، وتضررت مروءته وعرضه، فهو في حاجة إلى اللباس والسكن والطعام والمركوب، لنفسه ولعياله، ثم قالوا مخاطبين الحاكم العام: نطلب منك (أن ترفع جاميكتنا) إلى ثلاثة الاف فرنك لكي يرتفع عنا بذلك بعض الأضرار، وليكون رزق من دعته الحال إلى التقاعد في الحرمة شبيها بأرزاق


(١) سنتعرض لحياة الرجلين: ابن رحال وابن العربي، في فصول أخرى.
(٢) كريستلو (المحاكم) مرجع سابق، ص ٢٢٢، عن الحاج حمو انظر لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>