للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين والزوايا، فقد رمى بهم الفرنسيون بعيدا على إثر الانتهاء من مهمتهم بالتدرج، لقد قضوا حاجاتهم منهم وحكموا بهم ساعة العسر واستفادوا من خدماتهم، ثم أخذوا يقلمون أظافرهم شيئا فشيئا ويأخذون صلاحياتهم حتى لم يبق لهم إلا الاسم، وبالنسبة للقضاء كانت المسألة أكثر حساسية لأنها متصلة بالدين من جهة والدنيا من جهة أخرى، فرغم أن القضاة كإطار اجتماعي وإداري قد تخرجوا من المدرسة الشرعية - الفرنسية، فإن وظيفتهم ذات طابع ديني - سياسي، وقبل أن يتجهوا إلى المعارضة السياسية، باسم الدين، جردهم الفرنسيون من نفوذهم الشرعي، وتخلصوا من المشبوهين منهم بعدة طرق انضباطية إلى أن رجع الجميع إلى الخط، ورضوا بالمأ لة في الدين والدنيا، وأصبحوا لا يطالبون إلا بالترقية وزيادة الراتب.

...

لم يكن القضاة على درجة واحدة من المروءة والأخلاق، ويشهد المعاصرون أنهم عرفوا منهم نماذج جيدة ونماذج سيئة، شأن كل الفئات الاجتماعية، وقد أتينا على ذكر بعض القضاة في قسنطينة ومعسكر، وسنذكر اخرين بعد حين، وقد زار محمد بيرم الخامس الجزائر في عهد الجمهورية الثالثة (١٨٧٨) وترك لنا وصفا للمحكمة الجزائرية وتصرفات بعض القضاة والمترجمين، سواء بالنسبة للمحكمة الإسلامية أو المختلطة (المجلس):

١ - بالنسبة للمحكمة الإسلامية، كان القاضي المسلم يتولى الحكم في الأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والمواريث) لدى المسلمين، ومرجعهم في ذلك هو مختصر الشيخ خليل، وكان القاضي يجلس وإلى جانبه عدلان كشاهدين على المتخاصمين، وإذا غاب القاضي ينوب عنه أكبر العدلين، وليس هناك حاجة إلى الترجمة، والأحكام تسجل، وهي سريعة وغير مكلفة.

٢ - المحكمة المختلطة أو المجلس، وفيها ثلاثة قضاة فرنسيين

<<  <  ج: ص:  >  >>