للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلمسانية، حسب الشائع، ولعل إدريس بن ثابت هذا كان أحد شيوخ شعيب إذ في أوراقه ما يدل على ذلك، وكان ثابت قاضيا في تلمسان ومدرسا في الفقه خلال الخمسينات، وقد واصل مهمته إلى ١٨٦٥ حين قارب العمى فسمح له بالهجرة إلى فاس مع عائلته، وكان الشيخ ثابت هذا صاحب نفوذ وتأثير في فاس، وبعد أن عرف ابنه إدريس أن ثروة العائلة قد تبددت في فاس رجع إلى تلمسان، ولكن قبل ذلك جرب التعليم في وجدة، وفي سنة ١٨٦٩ (وهي السنة التي أصبح فيها شعيب بن علي قاضيا) دخل إدريس بن ثابت امتحان القضاء ونجح، وكان ترتيبه ما قبل الأخير من ١٨ فائزا، دخل إذن سلك القضاء، ولكنه لم يتعين قاضيا إلا بعد ثلاث سنوات (١٨٧٣) وبمساعدة شعيب نفسه (١).

ومنذ تعيينه تعهد شعيب بن علي إلى الضابط الفرنسي بأنه سيبذل جهده في مهمته، والاجتهاد في السيرة الصالحة (طبقا لرغبتك وطبقا للسنة والشريعة). وعندما اقترح على الضابط عزل زملائه جميعا في المجلس القضائي قال له إنه فعل ذلك (خوفا من الله ومنك). وهذا الموقف من الزملاء ومن التعامل الخاص مع الفرنسيين هو الذي جعل الشيخ شعيب غير محترم من بعض القضاة، فقد قيل: إن قاضي الغسول، وهو عبد القادر بن عبد الرحمن قد ناشد الضابط الفرنسي ألا يسمح لشعيب بالجلوس في المجلس الذي كان يراجع أحكامه سنة ١٨٧٨، ولا شك أن السلطات الفرنسية كانت تستغل هذه الحساسيات الشخصية والتحاسد والتنافس بين القضاة لصالحها، كما كانت تفعل مع الفئات الأخركما، وهي تسمى ذلك عملية (الصفوف)، أي ضرب صف بصف أو جهة بجهة أو شخص بشخص.

ولعل مكانة القاضي شعيب العلمية وخيوطه الكثيرة مع رجال العلم والتصوف في وقته، بالإضافة إلى علاقته الخاصة بالمستعربين الفرنسيين هي التي رشحته ليكون ضمن الوفد الفرنسي في مؤتمر المستشرقين الثامن الذي


(١) كريستلو (المحاكم)، ص ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>