للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعواطف والأدبيات والإخوانيات، وكان العصر أيضا عصر تصوف وطرق صوفية، وكان الانتماء إلى إحدى هذه الطرق أو أكثر هو الظاهرة الغالبة على العلماء والفقهاء أيضا، فالأمر لم يكن قاصرا على الأشراف والمرابطين والمقدمين والدراويش، فما طريقة حسن بن بريهمات إن كانت له طريقة؟ لقد ذكر الطريقة الرحمانية عدة مرات بالنسبة لمن أبنهم، ونفهم أن شيخه وصهره مصطفى الحرار كان من أتباع الرحمانية، ويضيف لويس رين الذي درس الطرق الصوفية ورجالها المعاصرين أن ابن بريهمات كان قادري الطريقة، قائلا إنه قد أخذ معلومات شفوية عن القادرية منه وأنه كان أحد أتباعها (١).

هذه الشخصية المتحركة في مجالات الأدب والسياسة والعلم والقضاء في الجزائر خلال النصف الثاني من القرن الماضي، من أي مدرسة تخرجت وعلى أي شيوخ درست؟ إن الوثائق لا تتحدث عن الكثير من ذلك، ونكاد نقول إن حسن بن بريهمات قد ثقف نفسه بنفسه، فالمدرسة الفرنسية الأولى وجدته ابن خمس عشرة سنة تقريبا، وفي تلك السن كان قد حفظ القرآن الكريم وسار على عادة الحضر في العاصمة من حفظ المتون والأشعار وقواعد الدين، وكان والده من أهل الكتابة الإدارية - الديوانية، وقد تكون له مكتبة ووثائق يطالع فيها هذا الابن الذكي جدا، ومنذ ١٨٣٤ أسس الفرنسيون مدرسة حضرية حاولوا أن يجلبوا بها بعض أبناء الحضر، ولكن التقارير تقول إنها بقيت فارغة، ثم أنشأوا المدرسة العربية - الفرنسية سنة ١٨٣٦، ويكون ابن بريهمات قد دخلها بعض الوقت، ولم تكن تشترط سنا معينة، وربما لم تطل إقامته بها لأنها ظلت تتعثر ومعظم الحضر قاطعوها، ولذلك يبقى السؤال: كيف تثقف هذا الفتى وعلى يد من؟.

إن كبار المدرسين في العهد الذي يصادف سن طلب العلم عند حسن

ابن بريهمات هم محمد بن الشاهد، ومصطفى الكبابطي، وعلي


(١) لويس رين (مرابطون وإخوان)، ص ١٧٣، هامش ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>