فهم ٩٢. أي أن هناك أغلبية لصالح التدوين، ولكن المعارضة كانت أيضا قوية، ونعتقد أن الذين استشيروا هم النخبة والقضاة ورجال الدين.
أما بالنسبة للقضاة المسلمين فقد تضاربت الآراء، فقد أعلن تسعة من بين ستة عشر من رؤساء المحاكم أنهم ضد التدوين، كما أعلن ٤٥ قاضيا أنهم ضده بينما وافق عليه ٤٢ من بين ٨٧ قاضيا جرت استشارتهم، هذا عن القضاة المسلمين، أما القضاة الفرنسيون (قضاة الصلح) فقد رجحوا الكفة لصالح التدوين، إذ عبر ٧٣ منهم عن الموافقة بينما لم يرفضه إلا ٣٢ منهم، ومن بين القضاة المسلمين الذين أيدوا المشروع قاضي نقاوس الذي لم يذكر بالاسم وإنما فهمنا نحن أنه هو عبد الرزاق الأشرف، لأنه هو الذي عين هناك عندئذ، وذكر تقرير لوسياني أن هذا القاضي (الأشرف) قد حث على قبول المشروع معتبرا إياه شرفا لفرنسا، لأن مصر وتركيا قد دونتا الفقه أيضا.
أما من غير القضاة فقد أيد المشروع أيضا أبو بكر عبد السلام، وكان هذا قد ولى القضاء بعض الوقت في عمي موسى، بصفته عدلا فقط، قبل أن يصبح مدرسا في مدرسة تلمسان الشرعية - الفرنسية، ويكتسي رأيه طابعا خاصا لأنه هو ابن شعيب بن علي، قاضي تلمسان منذ ١٨٦٩، وكان شعيب عندئذ ما يزال حيا ومؤثرا ومن ثمة نعتبر رأي الابن هو رأي الأب أيضا، سيما وقد عرفنا أنه رباه ليكون خليفة له، رغم أن هذه القاعدة ليست دائما ثابتة، كتب السيد أبو بكر مقالة بالفرنسية عنوانها (تدوين الفقه الإسلامي) ذكر فيها أن هناك عدة انتقادات لمشروع التدوين، ولكنه يقف إلى جانبه، وقد تعرض في مقاله إلى أصول الشريعة وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس والاجتهاد، وأطال في عرضه، وتحدث عن المذاهب الأربعة وأسباب ظهورها، وهو هنا يخاطب الفرنسيين وليس الجزائريين، واستعرض معلومات معروفة بالضرورة حتى لدى الفرنسيين المتخصصين في الموضوع، وأخيرا رفض أبو بكر أطروحة الناقدين الرافضين للتدوين وأيد اللجنة في مشروعها، معتبرا التدوين تجديدا ممتازا ... فإذا تحقق المشروع فإنه سيكون، في رأيه، مفيدا للقضاة الموظفين لحاجتهم إليه في التعامل مع