للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جامع أبي رفيسة من جوامع الخطبة، ويقع إلى جانبه مجلس القضاء، وزاوية (مدرسة) ملتصقة به كما هي التقاليد. ويقع محرابه ومنبره على الجانب الأيسر منه. وكان خشب المنبر مدهونا باللونين الأحمر والأخضر، شأن كل الخشب الذي في الجامع. وله عين جارية (سبالة أو حنفية) للوضوء. أما منارته فكانت مدورة وتقع على الزاوية الشمالية الشرقية منه، وطولها ١٥، ١٤ م، ومحيطها ٥، ٦٥ م. وقد توقف صوت المؤذن في الجامع منذ سكن الفرنسيون حوله، وهكذا لم يعد المصلون يسمعون صوته الداعي للصلاة. ويقول بابييه إن بالجامع بعض الزخارف التي ترجع إلى ١٨٥٥، ولا سيما في القبة الرئيسية منه وفي المحراب، وقد تبرع بها أغنياء السكان، وبعضها جاء من بقايا جامع سيدي أبي مروان. ولا ندري الآن ما هي هذه الزخارف. وهناك نقيشة على المرمر تخلد أبياتا شعرية. وهذه النقيشة تقع خارج الجامع وهي ملتصقة بحائطه. وهي في خمسة أبيات تمجد صالح باي صاحب الفضل في بنائه (١).

والغريب أن محمد بيرم الخامس الذي دخل عنابة مرتين، إحداهما كانت سنة ١٢٩٥ هـ، اكتفى من وصف مساجدها بواحد وهو الجامع الكبير (؟) وقال إنه قائم الذات والصفات مثل جوامع تونس، نظيفا ومحروسا ومفروشا بالحصير، وقد سكت عن المساجد الأخرى، فلم نعرف منه ماذا حدث لها (٢) فهل قصد بذلك جامع أبي رفيسة؟ وهل كان يجهل إلى ذلك الحد مصير جامع سيدي أبي مروان؟

وفي القل كان أحمد القلى (وهو أحد القادة) قد بنى الجامع الذي


(١) انظر بابييه (جامع عنابة) في المجلة الإفريقية، ١٨٨٩، ص ٣١٢ - ٣٢٠. وكذلك باتورنيه في نفس المصدر، ١٨٩٠، ص ٢٦٦. وقال بابييه إن التاريخ غير معروف للنقيشة ثم صحح نفسه في العدد الموالي بأنه ١٢٠٦/ ١٧٩١ وهو نفس التاريخ الذي ذكره باتورنيه. انظر أيضا الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(٢) محمد بيرم (صفوة الاعتبار ..) ٤/ ٤ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>