للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العثماني وقد بقيت كذلك زمن الاحتلال أيضا. ولا ندري التطورات التي خضعت لها، سيما بعد إقامة (حديقة مرنقو) بجوارها وهدم العديد من المساجد والقباب والجبانات القريبة منها والتي أصبحت داخلة في الليسي الذي أصبح اليوم ثانوية الأمير عبد القادر. إن هذه الظروف لا تتحدث عنها المصادر الفرنسية. ولكن زاوية الشيخ الثعالبي بقيت على أية حال. وقد زارها أوميرا سنة ١٨٩٨، وعاصر ديفوكس الأحداث التي ذكرناها أيضا، وهو الذي وصف أوقافها ذات الثروة الهائلة التي استولى عليها الفرنسيون وأدخلوها في مصلحة أملاك الدولة. وقد بقي للزاوية وكيل ولكنه أصبح فقيرا معدما بعد أن حرم من مدخول الوقف، وكان اسمه أحمد بن محمد. فقد كتب أحمد هذا شكوى إلى الحاكم العام، ذاكرا أوقاف الزاوية واستيلاء السلطات عليها، ومذكرا له بأن غلة (ريع) الأحباس كانت تصرف في إطعام الطعام للفقراء والمساكين في كل ليلة جمعة وفي المواسم، وكذلك في صيانة المسجد وأجور الإمام والحزابين، وغير ذلك. وقال هذا الوكيل المسكين في شكواه إنه ذهب كالعادة إلى مصلحة الدومين لتعطيه النصيب الذي قرروه له، فامتنعوا، (فضاق علي الحال، ولم يمكني إلا أن نشتكي حالي إليك، لأني لم أقبض شهريتي ثلاثة أشهر) (١).

كانت زاوية الشيخ الثعالبي، تضم مجموعة من المصالح، مسجد بمنارة مربعة ومزينة بالزليج الملون، وقبة ضخمة تضم عدة أضرحة، أهمها ضريح الشيخ الثعالبي، وجبانة ومساكن، وميضات وغرفا للموظفين، ومطاهر (٢). ومن الذين دفنوا في جبانة الثعالبي، الحاج أحمد، باي


(١) ابن سديرة (كتاب الرسائل)، ٢٨٣، ولا بد أن كون هذه الشكوى صادرة بعد ١٨٤٨، وهي السنة التي ضمت فيها أوقاف الزاوية إلى أملاك الدولة الفرنسية، وكانت عائلة ابن الحاج موسى تتوارث وكالة الشيخ الثعالبي حوالي قرن. انظر سابقا وكذلك فصل السلك الديني.
(٢) أوميرا، ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>