يقول السيد أوميرا لقد أدى إلغاء كل الجبانات إلى ظلم حقيقي لعدد من الوكلاء الذين كانوا يصونونها. فقد اختفت المداخيل والعلاقات مع اختفاء وهدم القباب والأضرحة، وهو هنا يرى أن كل القباب هي في الواقع جبانات لأن قبة الولي ليست وحدها في المكان. وهذا أمر حقيقي. ولكن ذكر الوكلاء وحدهم هنا فيه إجحاف بحقوق الآخرين الذين تضرروا من اختفاء وهدم الأضرحة والقباب والجبانات العامة. فقد كانت مداخيل هذه البنايات تستعمل لأغراض اجتماعية ودينية وتعليمية. ولذلك لا بد من تصحيح هذا الرأي.
في جولة دراسية قام بها الإسكندر جولي إلى منطقة التيطرى حوالي سنة ١٩٠٤ بطلب من الإدارة الفرنسية، وجد أنها تضم عددا من القباب ولكنه لم يذكر ما إذا كانت قد تعرضت للهدم أو التعطيل. وقد أورد من ذلك قبة سيدي علي بن فارس بين وادي عروة ووادي الحاكم، وقبة سيدي ناجي قرب البرواقية، وقبة سيدي محمد ولد البخاري (وهو ابن مؤسس قصر البخاري). وقال جولي إن سمعة الشيخ سيدي البخاري كانت عظيمة بين أهل الناحية ويعتبرونه ناشر الدين الإسلامي هناك. ومع ذلك فإن قبته، رغم ارتفاعها وكبرها على غير العادة، تبدو حزينة ومتقشفة في بلاد نائية ذات طابع صحراوي. ومما قاله في هذا الشأن إن هناك علاقة بين الإنسان والبناء أو العمران. أما مدينة المدية فلم يصف. جولي قبابها، ونحن نعرف أن الأيدي قد تبدلت على هذه المدينة عدة مرات بين الفرنسيين والأمير من جهة وبين الأمير وبعض الطموحين الآخرين أمثال ابن المعطي، وموسى الدرقاوي من جهة أخرى. فهل تضررت القباب والبنايات الدينية من ذلك؟ إنا لا نشك في شيء واحد وهو أن حرمان البنايات الدينية (القباب) من أملاكها قد تسبب في تقشف وإهمال الخدمات الواجبة لها.
وليس لدينا دراسة عن وضع قباب مليانة وشرشال والبليدة والقليعة