للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمور دنياها، رغم الزيارات التي كان البعض يؤديها إلى أهل التصوف والطرقية، ورغم العقائد والخرافات في ضرر ونفع البشر مع البشر. ولا نعلم أيضا أن السلطات الفرنسية قد تعرضت مباشرة إلى هدم أو تحويل هذه القباب عن أهدافها، بالعكس فقد كانت أحيانا تشجع العامة على التمسك بالخرافات والعقائد البعيدة عن الدين الإسلامي ليبتعدوا عن حقيقة الدين وينقادوا إليها.

...

ب. أما بالنسبة لإقليم الغرب فالإحصاء يثبت أن هذا الإقليم قد عرف بزواياه منذ القديم، وكانت الطرق الصوفية فيه منتشرة وذات نشاط واسع (١). وقد شهدت المنطقة حروبا سياسية/ دينية كبيرة أوائل القرن التاسع عشر. فلا غرابة أن تكثر الزوايا عندئذ. وقد تأثرت هذه الزوايا بالحروب التي جرت بين الفرنسيين والجزائريين أيضا إلى ١٨٤٧، ثم حروب أولاد سيدي الشيخ وغيرها من الانتفاضات اللاحقة. ولذلك لا نستغرب أن تكثر الزوايا، ولاسيما بعد الستينات عندما تغاضت السلطات الفرنسية عن ذلك وحاولت إخراج المرابطين من مخابئهم لتعرفهم بسيماهم، ولتضرب بهم رجال السيف الذين أخذت تنتزع منهم ما أعطتهم مؤقتا من جاه وسلطان وثروات.

هذه المقدمة ضرورية لنعرف أن زوايا تلمسان ووهران ومعسكر ومستغانم ومازونة وغيرها لم تنقص بل ازدادت. وليس لدينا ما يثبت أنها قد تعرضت للهدم والاضمحلال كما حدث في العاصمة مثلي، ولكن هذا لا ينفي الوقوع أصلا، ولا سيما في مدينة مثل وهران. أما زوايا تلمسان العديدة في الأحياء القديمة فلم تبق على نشاطها وعمرانها كما كانت، بل تضررت أيضا، كغيرها، بالعوامل التي ذكرناها، وهي الاستيلاء على الأوقاف والإهمال والتطور الاجتماعي.


(١) بوليري، المجلة الشرقية والجزائرية، عدد ٣ (١٨٥٣)، ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>