وجاء في المادة الخامسة من قرار كلوزيل المذكور أن على مسيري الأملاك الدينية العمومية أن يقدموا كل شهر عرضا أو كشفا إلى مصلحة أملاك الدولة، يتضمن مصاريف الصيانة والخدمات الخاصة بالمساجد وأعمال الإحسان وغيرها من المصاريف التي كانت في العادة تؤخذ كمعونة من مداخيل هذه الأملاك. وهذا لا ينطبق على أوقاف المساجد والزوايا ونحوها. وقد تخلصت مصلحة أملاك الدولة أو بالأحرى السلطات الفرنسية بذلك من مسؤولية التعليم والمدارس الإسلامية ومن شؤون الديانة أو توظيف رجال الدين، ومن المساعدات العامة للفقراء. فقد بقيت هذه الأمور جميعا في نظرها، في مسؤولية الوكلاء على المساجد. وبعد اختفاء الوكلاء تولاها (أي إدارة المساجد ...) المتصرفون المدنيون أو مدراء الداخلية. وهكذا كانت مصلحة أملاك الدولة في السنوات الأولى (إلى ١٨٤٨) تتولى فقط مصاريف المساعدات العامة المستخرجة من أملاك مكة والمدينة، وهي لا تتضمن سوى مراقبة بسيطة، تقوم بها بمعونة بعض الموظفين المسلمين (الجزائريين) من خارج مدراء أملاك مكة والمدينة. وكان بعض هؤلاء الموظفين المسلمين موظفين أيضا في الإدارة المدنية الفرنسية، مثل الحاج مصطفى بوضربة، الذي تولى سنة ١٨٣٢ أوقاف مكة والمدينة (١).
(١) أوميرا، (المكتب الخيري)، ١٩٤. والحاج مصطفى بوضربة هو عم أحمد بوضربة التاجر والمفاوض المشهور زمن الحملة. وتذكر المصادر الفرنسية أن الحاج مصطفى بوضربة بقي وكيلا لأوقاف مكة والمدينة تحت الإدارة الفرنسية إلى سنة ١٨٣٦ حين جاء اقتراح من وزير الحربية بتغييره وتعيين حفيز (حفيظ) خوجة بدله. وكان حفيز هذا أيضا موظفا بإدارة الأوقاف، وقد انتقد إدارة زميله وأثبت للفرنسيين عدم دقة حساباته والفوضى التي كانت تتخبط فيها إدارته، واقترح عليهم تخفيض راتب الوكيل إلى ٣٠٠٠ فرنك فقط، وهو نصف الراتب الذي كان يتقاضاه الحاج مصطفى بوضربة. وكان الفرنسيون يضربون الجزائريين بعضهم ببعض في هذا المجال وفي غيره. فوجدوا في حفيز الشخص المناسب لهم. ويبدو أن عزل الحاج مصطفى بوضربة كان له علاقة ابن أخيه، أحمد، الذي انضم للأمير عبد القادر. ومهما كان =