والمدينة في الجزائر، وهو الجزء الذي فضل من المداخيل بعد طرح مصروف إدارة الوكيل وما أنفق على الفقراء. ومنذ الاحتلال استولت إدارة أملاك الدولة أيضا على أوقاف الحرمين بنوعيها، ووضعتها في البداية تحت إدارة قائد الدار (بصفته وكيلا) لإدارتها باسمها وصب أموالها في الخزينة العامة للدولة الفرنسية. وكان لقسنطينة أوقاف عامة أخرى مثل العيون والسبالات والطرقات وكان مصيرها هو المصادرة أيضا.
أما الأوقاف الخاصة في قسنطينة فقد كانت بيد الناظر. ونعني بذلك أوقاف المساجد والزوايا والقباب. وقد أصبح الناظر مجبرا على إدارتها لصالح إدارة أملاك الدولة، كما هو الحال في الجزائر، على أن يصب مداخيلها في الخزينة العامة التي كانت في قسنطينة تحت مسؤولية قائد الدار كما ذكرنا (١). وفي البداية كان لكل بناية وكيل خاص، ثم حدث لها ما حدث في بنايات الجزائر، إذ أدى الحرمان والإهمال إلى اختفاء الوكلاء وتداعي ثم هدم المساجد والزوايا والقباب. ثم جاء قرار ١٨٤٨ الذي صادر جميع أوقاف البنايات المذكورة، والتي أصبحت تدار مباشرة من قبل الإدارة الفرنسية.
وقد برر الفرنسيون استيلاءهم على الأوقاف في قسنطينة بنفس التبريرات التي جاؤوا بها بالنسبة للجزائر. فقالوا إن الوكلاء والنظار قد أساؤوا الإدارة وأفسدوا المال، واختفت على أيديهم مصادر ومداخيل الأوقاف. ولذلك قرر، كما قالوا، المجلس الإداري لمدينة قسنطينة وضع جميع الأوقاف في يد مصلحة أملاك الدولة، وهي التي في نظرهم ستتكفل بالصيانة للمساجد والأملاك العامة. وبدأوا في ذلك بالأوقاف الحضرية (أملاك المدينة). ولكن هذا الإجراء شمل فيما بعد الأملاك (الأوقاف) الريفية أيضا، بعد إجراءات تحديدية دقيقة ومعرفة المسؤولين وإمكاناتهم. وابتدأ العمل في قسنطينة بحصر الأوقاف، فكانت منها (أحباس دار سيدي الشيخ)