إن العلاقة بين الدولة وإدارة أملاكها (الدومين) لم تتغير بتغير القوانين. فبين ١٨٣٠ - ١٨٥١ كانت إدارة أملاك الدولة هي التي تسير الأوقاف لحساب الدولة. وفي كلا الحالين كانت إدارة (الدومين) تحتفظ عندها بحساب خاص لأوقاف بيت المال والأندلس ومكة والمدينة. ولكن هذا الحساب لم يبق إلا اسما فقط. ومن جهة أخرى استمرت الإدارة المذكورة (الدومين) ترسل تقرم اسنويا إلى وزير الحربية، توضح فيه وضع أملاك الأوقاف التي تديرها، والمداخيل والمصاريف التي قام بها المسيرون خلال السنة المنتهية. وعند التأمل يلاحظ على هذه التقارير التناقص السنوي في المداخيل لأن أملاك الوقف منها ما بيع أو هدم أو استخدم في مصالح أخرى، ومن ثمة انعدم ريعها.
وإلى سنة ١٨٤٤ كان هناك أقسام وموظفون يسهرون على هذه الأملاك، ولكن منذ ١٨٥٤ لم يبق إلا مكتب واحد. ففي ١٨٤٤ كانت المصلحة المسماة مصلحة أملاك الوقف الإسلامية تتكون من مكتب للرقابة يشرف عليه فرنسيان برئاسة سوزيد Souzede ونيابة دولسي Doulset . وكان المكتب يضم أيضا أربعة أقسام، حسب مؤسسات الوقف المعروفة، وهي: ١ - مكة والمدينة، ٢ - سبل الخيرات، ٣ - الأندلس، ٤ - بيت المال. وكان المكتب يضم أيضا ثمانية من الجزائريين، لكنهم لم يكونوا وكلاء مستقلين كما كان الحال في الماضي، وإنما كانوا فقط موظفين مأجورين (١). وكان دور المكتب هو (تصفية) أملاك الوقف الإسلامية. وهو الدور الذي انتهى سنة ١٨٥٤ حين لم يبق سوى قسم واحد من الأقسام الأربعة المذكورة، وهو قسم بيت المال الذي كلف بتصفية تركات المسلمين فقط. وهكذا أسدل الستار، بعد ربع قرن من الاحتلال، على أملاك الوقف العامة بطرق متعددة، وانحصرت في تصفية التركات كما انحصرت بالنسبة للأوقاف الأخرى في بعض الإغاثات الخيرية التي تجود بها الإدارة على الفقراء