إيبرهارت، ولكن في اتجاه آخر، اهتمت هذه بالجوسسة والشهوات وحياة الصحراء والبداوة ثم بالإسلام والتصوف والسياسة. أما جمانة رياض فقد اهتمت بالأدب واللغة العربية والحركة النسوية في العالم العربي، وكذلك حركة الجامعة الإسلامية. وبينما ترجلت إيبرهارت وعشقت الفروسية وسمت نفسها (أحمد)، تمشرقت (جوان ديريو) وأحبت العرب وسمت نفسها جمانة رياض. كانت جمانة ابنة أستاذ فرنسي في الليسيه بالجزائر. وقبل أن تبلغ العشرين حصلت على دبلوم الدراسات العربية من مدرسة الآداب العليا (كلية الآداب فيما بعد). كما حصلت على (البروفي) الذي تعطيه الحكومة العامة بعنوان بروفي المراسل للجائزة العربية. وبتكليف من الحاكم العام، جونار، ومدير الشؤون الأهلية دومينيك لوسياني، قامت هي ووالدها بمهمة في تونس ومصر سنة ١٩٠٦، وكانت المهمة في ظاهر الأمر لدراسة أوضاع مدارس البنات في الولدين، وقدما تقريرا حول ذلك إلى الحاكم العام.
وفي مصر اهتمت جمانة رياض بحياة المرأة، ونشاط المجلات والصحف العربية التي كانت تشرف عليها كل من لبيبة هاشم في القاهرة وأليسكندرا فيسينو بالإسكندرية. وهناك خطر ببال جمانة إنشاء مجلة مشابهة في الجزائر تكون في خدمة السكان العرب. فأصدرت (الإحياء) في العاصمة انطلاقا من هذه التجربة والرؤية، وذلك في أول محرم سنة ١٣٢٥ (الموافق ١٥ فيفري ١٩٠٦)(١). والإحياء تصدر مرتين في الشهر. وكانت مجلة (جريدة) عمومية وتحتوي على مقالات أدبية وموضوعات في القضايا المعاصرة. وقد جاءت في العدد الأول بمقالات من الصحف العربية، وتناولت خط سكة حديد الحجاز، وأحداث إيران والمغرب الأقصى، وأخبار الجمعية الأثرية الجزائرية، بالإضافة إلى الحديث عن الجريدة النسائية العربية
(١) عنوانها: بالجزائر العاصمة. واشتراكها السنوي ٤ فرنكات في الجزائر وتونس وفرنسا. وثمنها ١٥ سنتيم. وكان العدد الواحد يحتوي على ٨ صفحات، أطلق عليها اسم المجلة تجوزا فقط تبعا لمن وضعوها أول مرة ثم لشكلها. أما عدد صفحاتها فيدخلها في الجرائد.