للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءت في افتتاحية العدد الثالث من جريدته (ذو الفقار) التي عنونها (بالإسلام والمسلمين) عبارات مفعمة بالثورة على الوضع العام الذي عليه المسلمون الجزائريون وغيرهم. وفي لهجة خطابية ساخنة تساءل كيف يكون المسلم مسلما في بلاد مساجدها خالية من المصلين، بينما شوارعها مملوءة باللصوص والسفلة، بلاد انتشر فيها الربى والسلب والجفاء بين أهلها، وانعدم فيها الإحسان، وكثر فيها تقليد الكافرين (الفرنسيين). ودعا راسم إلى نبذ الكسل والخمول والتوكل على الغير، وإلى التخلق بالفضيلة. وقال إننا إذا لم نعرف الأسباب التي أدت بالأمة العربية إلى القوة والسؤدد، اندثرنا. وفي نظره أن تلك الأسباب لا تخرج عن مكارم الأخلاق وأحاسن الصفات. ثم طلب من الله أن يجري في عروقنا دم السلف (١).

أما مخطوط (تراجم علماء الجزائر) فلم نطلع عليه، ولكن اطلع عليه غيرنا (٢)، وعرفنا منه أنه ترجم فيه تراجم مختصرة وغير عميقة لعدد من معاصريه وسلفهم، مثل محمد بن مصطفى خوجة، وحمدان خوجة، ولعله تناول أيضا شيخيه المجاوي وابن سماية. ونظن أنه يقصد (بالجزائر) العاصمة، ومن ثمة لا نتوقع أنه ترجم فيه لآخرين من علماء القطر. ولو اطلعنا عليه لعلمنا إحاطته وطريقته فيه. ولكنه عمل مفيد على كل حال، سيما إذا قورن بتراجم الحفناوي في تعريف الخلف التي تزامنت مع ظهور عمر راسم.

وقبل أن يتحقق حلم عمر راسم في استقلال وطنه الذي طالما استنهضه بقلمه وخطابه، انطفأت شمعته بالعاصمة عن ٧٥ سنة، كان ذلك عام ١٣٧٩ (١٩٥٩). وقد كانت البلاد في ثورة عارمة ضد المحتل، وكانت تباشير النصر قد أخذت تلوح في الأفق.


(١) الجلالي، (تقويم الأخلاق)، مرجع سابق، ص ٥٤ - ٥٦ من جريدة ذو الفقار عدد ٢٠ رجب ١٣٣٢ (١٤ جوان، ١٩١٤).
(٢) اطلع عليه واستفاد منه الشيخ محمد علي دبوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>