أما التقويم الرابع فهو (تقويم الأخلاق) الذي أصدره محمد بن العابد الجلالي في فاتح ١٩٢٧ (١٣٤٥ هـ)، وقد طبعه في المطبعة الجزائرية الإسلامية بقسنطينة، ويقع في ١٧٩ صفحة. وقد جعل شعاره مقولة الخليفة أبي بكر الصديق:(أدن من الموت توهب لك الحياة). حاثا الشباب على الإقدام والنشاط وعدم الخوف من المستعمرين. وكان دافعة في إصدار التقويم هو المساهمة في النهضة المباركة - كما قال - لعله يفي (بحق من حقوق الوطن) عليه. والمعروف أن الشيخ محمد بن العابد كان من رواد الفكر الوطني ودعاة النهوض والحرية. ولذلك كانت مقدمة التقويم ونصوصه كلها تعبر عن هذه الروح الثائرة.
كان مخطط الجلالي أن يصدر التقويم سنويا، ويضمنه (أنواعا من الفوائد وفنونا من الأدب) وأولها الأخلاق التي اعتبرها عماد النهضات عند الشعوب. ولذلك أطلق على مشروعه اسم (تقويم الأخلاق)، وعرف التقويم بأنه كتاب سنوي يكون مرآة للوطن، بما فيه من خير وشر، حسب تعبيره، وقال إن من خصائص التقويم أن يضم مباحث في مختلف العلوم والآداب والنظم الإدارية وتاريخ البلاد (وروحها الوطني والأدبي) وفائدته معرفة الإنسان لبلاده ليغار عليها، ويدافع عنها، وإن غرض التقويم هو تنوير البصائر والعقول (لكي ندرك وجودنا في هذه البلاد). واعتبر الجزائري ما يزال شاخصا مندهشا كأن (الطبيعة قد قذفت به قبل الأوان). وقد تعمدنا أخذ بعض الأفكار من تقويم الأخلاق لتدرك أن الشيخ الجلالي كان متحمسا لإنشاء التقويم لا لغرض تجاري أو إشهاري وإنما بدافع وطني، وإسهاما منه في (خدمة العلم وتأييدا لنهضتنا المقدسة) كما قال.
وقد بوبه إلى اثني عشر بابار وكلها على قسمين يحملان نفس العنوان وهو (مبحث الأخلاق والآداب الإسلامية). وقبل الوصول إلى هذا التقسيم جاء بعناوين مثل: القضاء الإسلامي في الجزائر، وعلم الميقات، وجغرافية الجزائر، وفي القسم الأول من مبحث الأخلاق والآداب الإسلامية أورد