للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا عدنا إلى الكتب الصادرة في مختلف المدن الإقليمية فسنلاحظ أن بعضها كان مطبوعا في مطابع محلية صغيرة مثل المطبعة الحجرية التي طبع فيها العنتري هدية الإخوان والفريدة المؤنسة في قسنطينة. وهناك أخرى في عنابة ووهران والعاصمة. كما أن الكثير من الكتب العربية والجرائد التي صدرت عن الحكومة العامة أو بوحي منها كانت تطبع في مطابع فرنسية خاصة بدعم من الحكومة العامة، مثل مطبعة فونتانة ومطبعة جوردان ومطبعة كاربونيل التي نجد اسمها على الكتب التي حققها ابن أبي شنب، وتعريف الخلف للحفناوي، وبستان الأزهار للقلعي، وترجمات لوسياني، وفوربيقي وغيرهم.

وكان ظهور المطابع العربية متأخرا ولا يعود إلا إلى أواخر القرن الماضي. ونعني بها تلك المطابع التي أنشأها جزائريون لطبع صحفهم ومنشوراتهم. وكان ذلك يتطلب مالا وعلما وصيانة، وهو ما لم يكن متوفرا للجزائريين قبل الحرب العالمية الأولى. وقد أعجب الجزائريون بالمطابع ورأوا فيها إحدى العجائب، ولا ندري إن كان بعض العمال منهم قد اشتغلوا في إحداها قبل ١٩٠٠. وكان صحفيو المبشر من الجزائريين يمارسون التصحيح. ويتابعون إخراج الحروف، ولكنهم لم يحاولوا تأسيس مطبعة إلا بعد الحرب الأولى. لقد سجل عن الأمير عبد القادر أنه زار المطبعة الرسمية بعد إطلاق سراحه سنة ١٨٥٢. وسحبت أمامه الرسالة التي كتبها إلى نابليون. ورأى حركة الآلات وتصفيف الحروف وسمع أصوات الدواليب فسجل إعجابه الكبير بالمطبعة في عبارات وجهها إلى مديرها (سان جورج) قال فيها (وبعد فإننا زرناكم فرأينا من صنعتكم شيئا ما بقي لنا أن نتعجبوا (كذا) من شيء بعده) (١).


= الجزائر)، مرجع سابق، ص ٢٤٧.
(١) مخطوط باريس، عربي، رقم ٧١٢٣. والرسالة ترجع إلى فاتح محرم ١٢٦٩ (١٨٥٢)، ص ٩٣. وكانت زيارة الأمير للمطبعة المذكورة يوم ٦ نوفمبر ١٨٥٢، رفقة ابن علال والبارون بواسونى.

<<  <  ج: ص:  >  >>