للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماضي (حوالي ٦ ١٨٩). وكان رودوسي مراد وقدور من سكان جزيرة رودس، ويتاجران في الكتب مع لبنان ومصر وغيرهما. وربطا علاقات مع السلطات الفرنسية في تجارة الكتب من المشرق. وسمح لهما في عهد جول كامبون بالاستقرار في الجزائر والمتاجرة في الكتب، سيما الاستيراد. وبعد استقرارهما أنشأ مطبعة وفتحا مكتبة، وتخصصت المطبعة بالتدرج في الكتب الدينية وكذلك المصحف الشريف. وفتحت فرنسا لهما الطريق إلى افريقية أيضا، فراجت كتب المطبعة الثعالبية في غرب افريقية والمستعمرات الفرنسية الأخرى، كما اشتهرت في تونس والمغرب الأقصى. واختص رودوسي بحروف خاصة يطبع بها المصحف الشريف وغيره، مثل تفسير القرآن للثعالبي، وكشف الرموز لابن حمادوش، والكنز المكنون في الشعر الملحون، وبعض التراجم والأعمال الفقهية. والغالب أن الخطاط لهذه الأعمال هو الشيخ السفطي. وقد ارتبط رودوسي بالمصاهرات العائلية في الجزائر مع العائلات ذات الأصل العثماني، ومنها عائلة ابن أبي شنب، وتوسع نشاطه العلمي. وكان مقره في وسط الحي العربي بالقصبة، في شارع مصطفى ن إسماعيل المتفرع عن شارع لالير سابقاو (أحمد بوزرينة حاليا). وفي غياب المكتبات العربية كانت مكتبة رودوسي محطة للأدباء والعلماء أوائل هذا القرن (١).

وبعد الحرب العالمية الأولى أنشأ بعض الجزائريين المطابع في العاصمة وقسنطينة ومستغانم ووهران وبسكرة. ولم يكن إنشاؤها بقصد التجارة ونشر الكتب، ولكن لطبع الصحف التي عزموا على إصدارها حتى لا يبقوا عالة على المطابع الفرنسية. ومع ذلك عانت المطابع الجزائرية من الافتقار إلى اليد الخبيرة، ومن الحاجة إلى المال. وقد عرفنا أن بعض الصحف ما كانت لتنجح لولا الدعم الشخصي أو العائلي مثل مطبعة ابن باديس، ومطبعة أبي اليقظان. وقد قلد الجزائريون الفرنسيين أيضا في طبع


(١) انظر بحث سعد الدين بن أبي شنب (النهضة العربية في الجزائر)، في مجلة كلية الآداب، العدد الأول ١٩٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>