للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكبار الضباط عدة أوقاف على مجموعة من المنشآت. وقد اشتهر بالعناية بالوقف وتنظيمه وبالقضايا الدينية والعلمية في قسنطينة صالح باي الذي سبق ذكره. كما اشتهر في معسكر الباي محمد الكبير الذي سبق ذكره أيضا. فكلاهما حكم في أواخر القرن الثاني عشر، وكلاهما حاول أن يمثل (عصر التنوير) في الجزائر العثمانية. وسنعرف المزيد عن آثارهما عند الحديث عن المنشآت نفسها. كما اشتهر الباي حسن (المعروف بوحنك) باي قسنطينة الذي أنشأ سنة ١١٥٦ الجامع الأخضر وأوقف عليه عدة أوقاف. وقد دفن في نفس الجامع إثر وفاته سنة ١١٦٧ (١). أما من غير البايات فهناك رضوان خوجة، قائد الدار، الذي قيل إنه اشتهر بالورع وأسس زاوية له في قسنطينة وأوقف عليها. وقد توفي سنة ١٢٢٠. وسنتحدث عن هذه الزاوية فيما بعد. كما أوقف الحاج محمد خوجة، أحد كتاب قصر الباشا، أوقافا ضخمة سنة ١١٩٠ على مدرسة عليا (أو معهد) ومسجد وزاوية. ومن جهة أخرى بنى مصطفى بن مصطفى، آغا الصبايحية، زاوية لسكنى الطلبة وأوقف عليها. وكذلك فعل ساري مصطفى بن الحاج محمد، بيت المالجي (٢). فقد بنى أيضا مدرسة لتعليم الأطفال، وهناك غير هؤلاء. على أن معظم الأوقاف الرسمية وشبهها كانت تذهب إلى الزوايا والجوامع القائمة مثل الجامع الكبير بالعاصمة وضريح عبد الرحمن الثعالبي.

وهناك وثائق عديدة تثبت أن النساء كن يشتركن في الوقف أيضا. فأخت خضر باشا، وهي السيدة قمر بنت القائد محمد باي، قد أوقفت على جامع أخيها الباشا بعد وفاته (٣). كما أن السيدة مريم، وهي من عائلة ابن نيكرو الأندلسية قد أوقفت أوقافا على الجامع المعروف باسمها (جامع السيدة مريم). وتتمثل الوقفية في ثلاثة منازل وأربعة عشر


(١) انظر شير بونو (روكاي)، ١٨٥٦ - ١٨٥٧، ١٠٢. وكذلك دورنون (تاريخ قسنطينة) في (المجلة الإفريقية) ١٩١٣، ٢٩٠.
(٢) من وظيفته حمل صدقة مكة والمدينة سنويا مع ركب الحج باسم (أمين الصرة).
(٣) ديفوكس (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٩، ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>