أما الفرنسيون فقد أنشأوا المتحف العمومي على غرار المكتبة العمومية وبموازاتها. وبدأوا ذلك في العاصمة منذ ١٨٣٥ ثم تو سعوا فيه كلما احتلوا الأجزاء الأخرى من الوطن. وهكذا أنشأوا المتاحف في شرشال وقسنطينة وسكيكدة وتبسة وتلمسان ووهران. ثم عممت المتاحف فأصبح في كل مدينة وبلدية متحف. وبذلك أصبحت عندنا المتاحف البلدية والوطنية، والمتاحف المتخصصة في الآثار القديمة والمتخصصة في الآثار الأهلية، ومتاحف الفنون، ونحو ذلك.
وكانت عناية الفرنسيين منذ اللحظة الأولى للاحتلال متجهة نحو الآثار الرومانية من جهة والآثار الكنسية من جهة أخرى. ولذلك اهتموا بجمع كل ما هو روماني وكنسي. وانصبت حفرياتهم على هذا الجانب، وكانوا يعرفون اللاتينية مما ساعدهم على دراسة ما يعثرون عليه وتصنيفه وتحديد تواريخه. وقد بقيت من الآثار الرومانية الظاهرة والخفية أشياء كثيرة لم تؤثر فيها سوى عوامل الزمن، أما الجزائريون فقد حافظوا عليها ولم يرتكبوا ضدها ما ارتكبه الفرنسيون نحو الآثار الإسلامية، رغم أن الجزائريين لم يكونوا يعرفون اللغة اللاتينية ولا ينتمون إلى الجنس الروماني ولا إلى الكنيسة.
أنشأ الفرنسيون أول متحف متلازما ومتزامنا مع المكتبة سنة ١٨٣٥ في عهد المارشال كلوزيل. وكان صاحب المشروع هو أدريان بيربروجر الذي كان محافظا للمتحف والمكتبة معا. وظل المتحف ملازما للمكتبة طيلة عقود. ولم ينفصلا إلا سنة ١٨٩٧. فكان ينتقل معها إلى مكان أوسع من السابق كلما ضاق المكان الأول بهما. وكان المتحف يحتل دائما أحد الطوابق في نفس البناية. وقد قلنا إن افتتاح المكتبة والمتحف لم يحدث فعلا إلا سنة ١٨٣٥ أو ١٨٤٠، حسب بعض الروايات. وفي سنة ١٨٤١ كان المتحف يضم حوالي ٤٠٠ قطعة أو مادة تنتمي إلى مختلف الفئات من التاريخ الطبيعي. وكانت المواد تختار من بين المحنطات والحيتان والطيور التي تنتجها الجزائر. كما يضم المتحف مختلف النماذج من النباتات والمعادن التي تستخرج من البلاد، ومجموعة أخرى من الحشرات والأصداف.