العادي فإن علالو قد فشل في مجهوده، وأفلس ماديا، وخشي على نفسه ضياع وظيفته في الترامينو، وزاره المرض الذي اجتمع عليه مع الفاقة. وقد اعترته حالة نفسية سنة ١٩٣٢ جعلته يمزق مسرحياته، ويعدل تماما عن المسرح ومغامراته. فهل يرجع فشله إلى عدم استعداد الشعب لمثل هذا الفن، كما لاحظ الشيخ المدني؟ أو يرجع إلى المسألة اللغوية واستعمال العامية التي تحط من قيمة العمل المسرحي فنيا؟ أو إلى كون الموضوعات غير ذات أهمية اجتماعية وسياسية؟ لا ندري. ورغم أنه عاش بعد ذلك طويلا، فإنه لم يرجع إلى المسرح البتة، كما فهمنا من سيرة حياته.
كان علالو إذن من الأوائل، ولعله الأول، الذي هوى المسرح العربي في الجزائر وقدم له مسرحيات وغنى فيه ووظف الشعر والثقافة التراثية، وأنشأ فرقة تسمى (الزاهية) وتجول بها في أنحاء البلاد، واستعمل الرجال والنساء للأداء الجماعي الجيد، وأخضع اللغة للعامة، ومع ذلك كان حظه الفشل المادي على الأقل، والأزمة النفسية، وكان على غيره أن يبدأ من حيث انتهى وأن يعترف له بفضل السبق (١).
في الوقت الذي كان فيه علالو ما يزال يكتب للمسرح ويؤلف له في العاصمة، ظهرت في قسنطينة وفي عنابة وفي تلمسان بعض الفرق التي كانت تمثل وتحرز نجاحا. فقد ظهرت في قسنطينة فرقة تسمى (ناصر الدن ديني) ومثلت رواية طارق بن زياد، وسنعلق عليها. كما ظهرت بعنابة فرقة (المزهر البوني). ويقول الشيخ المدني عن الفرقتين إنهما مثلتا بعض المسرحيات العربية نالت إعجاب المشاهدين. وكان الأمر كذلك بالنسبة لنادي السعادة في
(١) رشيد بن أبي شنب (علالو وأصل المسرح الجزائري) في (مجلة الغرب الإسلامي والبحر الأبيض)، ١٩٧٧، ص ٢٩? ٣٥. وكذلك عبد القادر جغلول (عناصر ثقافية)، ص ١٢٣ - ١٢٦. وقال جغلول إن المسرحية الثامنة كانت باسم (عاشور وأخوه)، وكان سيمثلها سنة ١٩٤٥، ولكنها انتظرت إلى ١٩٧٦، وقد مثلت بعنوان جديد وهو (المهر) وقدمها إلى التلفزة فهي نسخة معدلة. ولكن هذه المرحلة لا تعنينا هنا.