للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليون روش الذي عاش في معسكر الأمير وسار معه في الحملات أن الفرقة كانت تعزف ألحانا تركية (ربما يعني تقليدية متوارثة) وكذلك الألحان الأندلسية، ولاحظ أن الرايات كانت ترفع أمام وطاق (خيمة) الأمير، كما كانت تتبعه حيثما سار. وهذه الرايات كانت بالألوان الخضراء والصفراء والحمراء، وكانت مطرزة بالذهب والحرير على قماش من الساتان. والمطروز عبارة عن آيات من القرآن الكريم، وفي أعلى الرايات توجد الأهلة والكور الفضية. كما لاحظ روش أن الخيل كانت تتأثر بالموسيقى أيضا فتتوقف عن الاكل وترفع رؤوسها وتظهر الابتهاج بحركات الغدو والرواح والصهيل، وهي تتحرك بسيقانها كأنها تريد أن ترقص (١).

نشير إلى أن عددا من الدارسين قد اهتموا بها وألفوا فيها، وكان ذلك بعد إهمال لها بحجة عدم فهمها وجفائها وابتعادها عن الذوق الفرنسي. ومن الذين سبقوا إلى ذلك دانيال سالفادور الذي قد يكون من أصل إسباني، ولكنه نشر بحثه بالفرنسية سنة ١٨٦٢، بعد أن قضى حوالي عشر سنوات وهو يمارس الموسيقى مع الفرق الجزائرية (٢). ثم يأتي دور إدمون يافيل اليهودي الذي نشر سنة ١٩٠١ سجله عن هذه الموسيقى، وقد كان له فضل كبير في المحافظة عليها، رغم ما ارتكبه من أخطاء (٣).

ومن الدارسين لها أيضا السيد رواني Rouanet سنة ١٩٠٥ إذ نشر بحثا. بعنوان (الموسيقى العربية)، وقد وصفها وآلاتها وتطورها وأنواعها، ولا سيما موسيقى الحضر أو الأندلسية. وقد استعان في بحثه برجلين خبيرين في الموضوع، وهما يافيل المذكور ومحمد سفنجة. ويقول عن يافيل إنه كان يغار على الموسيقى العربية ويدفع عنها من ماله وغذائه، وله حماس شديد لها لإنقاذ


(١) ليون روش (اثنتان وثلاثون سنة في الإسلام)، ج ١، باريس ١٨٨٤، ص ١٧٠ - ١٧١.
(٢) دانيال سالفادور (الموسيقى العربية) في المجلة الأفريقية، سلسلة مقالات وفصول، ١٨٦٢.
(٣) إدمون يافيل (سجل الموسيقى العربية والأندلسية)، الجزائر، ١٩٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>