للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أن المجال كان فارغا من الفنانين العرب لأسباب منها ربما انقراض الجيل الباقي من العهد العثماني، واهتزاز قيم المجتمع الحضري بعد جيل (كتب هو سنة ١٨٦٢) من الاحتلال والاستعمار. ولو كان هناك تواصل لما خلا الجو ليوسف عيني ليكون أشهر المغنين في الحفلات الحضرية. والغريب أن الفرنسيين قد التجأوا إلى هذا اليهودي ليغني أمام نابليون الثالث وزوجته عندما زارا الجزائر سنة ١٨٦٠ و (ليمثل) أهل الحضر وأغانيهم الشعبية وليكون (رئيسا للموسيقيين الأهالي) حسب تعبير سالفادور (١).

أما عن الآلات الموسيقية فقد ذكر سالفادور أنها واحدة عند العرب والإغريق، وعند يهود الأندلس وعند الإسبان. ومنها القصبة، والجواق (أربع ثقب) ومزمار داود، والطار والدف، ثم الغيطة، والطبل والدربوكة والكمنجة، والرباب والقيثارة (الكويترة). ولاحظ أن الفرقة العربية كانت تعزف جماعيا ومن ثمة فلها أداء منسجم أو هرموني (٢).

ويبدو أن سالفادور قد استمر في دراسة الموسيقى العربية. فقد قيل إنه قام سنة ١٨٧٩ بفصل الأجزاء المتأثرة بالموسيقى الإغريقية وأبقي على ما هو متصل بالنوبة الشائعة في المدن مثل العاصمة وقسنطينة وتلمسان (٣).

وذكر السيد سالفادور أسماء آلات لم نجدها إلا عند السيد نجيب ماضي، مثل الصبا، والحسيني. وهناك بعض الأسماء لم نهتد إلى أصلها وربما يرجع ذلك إلى سوء النطق والتهجية. ويستعمل ماضي العلامات للنوطات. وجاء بأسماء أخرى متناثرة فيما يبدو بالعثمانية والفارسية، مثل الديوان، والسيكاه (السيكة) والجيهاركاه (الجيركة). ومن الآلات الوترية


(١) سالفادور، مرجع سابق، ص ١٠٦.
(٢) نفس المصدر، ص ٢٨٤ - ٢٨٨.
(٣) قوانار (الجزائر) مرجع سابق، ص ٢٨٠. يجب أن نذكر أيضا أن الفرنسيين أنشاوا جمعية الفنون الجميلة في الجزائر منذ ١٨٥١، ولكن عنايتها بالفن (الأهلي) لم تكن داخلة في برنامجها إلا عرضا. كما أنشأوا الكونسرفتوار في وقت لاحق. ولا شك أن بعض العناية قد وجهت إلى موسيقى المدن مثل تلمسان، سيما بين الحربين.

<<  <  ج: ص:  >  >>