للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أقصى أنواع الزينة، كما كان الوشم يعلو خدودهن (١).

والمرأة العربية ترقص وحدها، وقد تترافق مع زميلة لها أو أكثر. ويظل وجهها مغطى بحرير شفاف يظهر ملامح الوجه للمتأمل. ورقص المرأة لا يكون إلا في الحفلات التي تقام للمناسبة كالزواج والختانة وغيرهما حيث لا يحضر الرجال. وهي مناسبات قليلة ولا تدوم إلا لحظات. وهناك أمداح خاصة تقيمها النساء للنساء في غياب الرجال، وتدوم عدة ساعات وترقص النسوة فيها طويت على أنغام الدف والطبل وبعض الآلات الأخرى. أما أثناء الحفلات العمومية المكشوفة والتي يمكن أن يحضرها الرجال عن بعد، فإن النساء يرقصن فيها، ولكن بعد أن تتقدم فتيات صغيرات إلى الميدان مغطاة الوجوه ومحتشمات، ويبدأن الرقص بالمناديل الحريرية في حركات بطيئة، وعندما تنشط الموسيقى وتسرع الحركات تبدأ النسوة في الدخول إلى الحلبة والرقص، ثم تتشجع أخريات فيتقدمن أيضا للرقص، وشيئا فشيئا تزدحم الحلبة وتصخب الموسيقى وتسرع حركة الرقص على أصوات الغيطة والقصبة وزغاريد المشجعات وطلقات البارود المتقطعة. وكلما انسحبت بعض النسوة من الحلبة تقدمت أخريات إليها وهكذا، إلى أن ينتهي الحفل. وأحيانا، يتقدم أحد الرجال ويطلق البارود عند رأس راقصة تعبيرا عن الحب والإعجاب، كما تدل الطلقة النارية الدقيقة على المهارة في التسديد والفروسية.

وقد لاحظ أحد الكتاب، وهو أشيل روبير، الذي لم يعجبه الرقص العربي، أن الفن الكوريغرافيكي غير متطور عند العرب. وحكم بأن رقصاتهم لا تشبه في شيء رقصات الأوروبيين. فليس عند العربي نوع الفالس ولا البولكا. لأن المرأة لا ترقص مع الرجل، ولا وجود لحفلة رقص أو (بال) على الطريقة الأوروبية. ولا ترقص المرأة أمام العموم. والرجال لا يأتون الحفلات إلا كمتفرجين عن بعد، وليس في هذه الحفلات كراسي، وإنما الجميع يجلسون مباشرة على الأرض أو فوق أفرشة وبسط. والرقص في نظر


(١) ديتسون (الهلال والفرنسيون الصليبيون)، نيويورك ١٨٥٩، ص ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>