للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن رواني أنذر بأن هؤلاء المشاهير في الطرب والموسيقى ليس لهم تلاميذ يأخذون عنهم، وأن مصير الموسيقى العربية بعدهم يتهدده الإندماج في موسيقى الغير والإنقراض تحت شعار التقدم. وإذا كان لهم هم سند أخذوا عنه قواعد الموسيقى والغناء فليس لهؤلاء سند يستمر في غيرهم. ودق ناقوس الخطر قاتلا إن الموسيقى الأندلسية (الغرناطية) ستختفي مع هؤلاء، وستنسى بعدهم الغراميات الكلاسيكية الجميلة. وقال إن هناك بعض النساء وبعض الهواة ولكنهم ليسوا من الدرجة التي تحافظ على هذا التراث الرائع. فهذه نكبة، على حد تعبيره، وقد تفطن لها الحاكم شارل جونار (١). ولكنه لم يذكر لنا ماذا فعل لتفادي وقوع النكبة، ولعل إنشاء جمعية (المطربية) وظهور رشيد القسنطيني وعلالو بعد الحرب العالمية الأولى يأتي في هذا السياق. إن رواني قد نظر إلى الموسيقى العربية عندئذ نظرة تراثية. وقد نبه جمهوره إلى ذلك. فقال إنها موسيقى غير متطورة أو تعبر عن فن متطور في حد ذاته ويتماشى مع العصر، فهي فقط عمل أثري مهم (وإنتاج شعب يعيش في البداوة)، فهي في نظره ظاهرة تاريخية ويجب أن ينظر إليها هكذا (٢).

ب - رأي بارتوك: وها هو المستشرق المجري بارتوك يدرس أنواعا أخرى من النغمات الموسيقية. ويركز على إنتاج الآلات الصحراوية، أو إذا شئت الموسيقى البدوية. فقد حل بالجزائر سنة ١٩١٣ وذهب إلى منطقة بسكرة فدرس فيها نماذج من الموسيقى الأوراسية والميزابية والورقلية والزنجية وغيرها. وقسم أنواع النغم إلى ثلاثة، وهي الغناء أو الأشعار الغنائية الغزلية، والقصيدة المختصة عادة بمدح المرابطين والتوسل بهم، وإذا شئت الأغاني الدينية. أما الثالث فهو الغناء المرافق للرقص بالآلات. وهذه الآلات فيها ما عرفناه في المدن، وفيها ما ليس في المدن. فهناك الآلات التي تنفخ مثل الجواق والقصبة والغيطة، ثم الآلات الوترية Cordes، مثل


(١) رواني، مرجع سابق، ص ٣٢٧.
(٢) نفس المصدر، ص ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>