من أنه جيل غير متعلم على أساتذة وليس له سند قديم، بل كاد يقول إن الموسيقى الجزائرية ستضيع على يد هذا الجيل الجديد. ومع ذلك فإن ما ذكره أحمد توفيق المدني (أيضا سنة ١٩٣١)(١) وما ذكره السيد داروي يدل على أن جيلا جديدا ظهر بعد ربع قرن وحافظ على الموسيقى العربية وواصل مسيرتها وأدخل عليها بعض التجديد. كما واصلت مراكز الموسيقى في العاصمة وتلمسان وقسنطينة رسالتها في عدة فرق وجمعيات موسيقية وفنية، واستمر أهل البادية والأرياف في استعمال آلاتهم وأصواتهم في المناسبات العديدة. ويلخص السيد داروي رأيه في أن انتشار التعليم قد ساعد على الاهتمام بالفن والموسيقى والشعر، وهو رأي فيه كثير من الصواب. كما أنه أبدى نفس التخوف الذي أبداه زميله رواني، وهو تعرض الموسيقى إلى التبسيط والتأثر بالموسيقى الأوروبية وعزفها من قبل أناس غير مؤهلين، بل إنه قال إن التقنيات الموسيقية قد أخذت في التراجع منذ نصف قرن.
بدأ السيد داروي دراسته بالتأكيد على أن للجزائر موسيقاها الخاصة، وأن عربها ما يزالون يحتفظون بها ويشجعون عليها باستمرار. وكان معهد الموسيقى (كونسرفتوار) يحتفظ بقسم خاص للموسيقى العربية يشرف عليه السيد ادمون يافيل. وبعد وفاته تولاه السيد محيي الدين باش تارزي. وكان يافيل محبا للموسيقى العربية، وقد عمل على نشرها والمحافظة عليها وأنشأ من أجلها فرقة (المطربية)، كما ذكرنا.
وهذه الموسيقى في نظر داروي، أنواع منها الديني والاجتماعي. فهي موجودة في صوت الأذان وفي المدائح النبوية والقصائد الصوفية. ولكن الحياة الدينية في نظر السيد داروي، خالية من البذخ والصخب. ولا تنشد الأناشيد الدينية سوى لتمجيد الدين وفي الأماكن الطاهرة. ويقول السيد داروي إن محيي الدين باش تارزي قد استعمل صوت الأذان بدون العبارات المعتادة حتى يحافظ على حرمة الطقوس الدينية. أما الموسيقى الاجتماعية