للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تغيب الغيطة عن مثل هذا الحدث أيضا حيث تنشد القصائد أو الزنداني.

واستعمال الآلات يختلف من مناسبة إلى أخرى. ففي الاحتفالات العامة لا تناسب إلا الآلات الهوائية أو النافخة كالغيطة والجواق (الناي) وآلات النقر بكل أنواعها مثل الطبل والدف والطار والقلال والبندير الخ. أما الآلات الوترية فتناسب المنازل والمقاهي والجلسات الخاصة حيث يجلس الناس المهذبون، وهي تتناسب مع المجموعات الصوتية أو موسيقى الجوق. وكانت الآلات الوترية شائعة فيما يسمى بموسيقى الحضر التي كانت تعزف بالخصوص في المقهى - الجوقة. ولكن الناس المحترمين لم يكونوا يجلسون في هذه المقاهي لأن المغنيات فيها كن عادة من البغايا، وقد تحدث فيها الفضائح والضجيج والعراك. وبعد عقود من الاحتلال قيل إن السلطات الفرنسية منعت المقهى/ الجوقة الذي تحدث عنه بولسكي وغيره، ولكن بقي المقهى في ذاته حيث استمر الغناء. ويقول السيد داروي إن موسيقى المقاهي الحضرية كانت في عمومها جميلة جدا، والجمهور يستمع إليها في شوق وصمت، وكان يتمتع بها في عمق وتأمل.

أما الموسيقى العائلية فقال عنها إنها في حاجة إلى تجديد كبير. ويقصد بالموسيقى العائلية تلك المتصلة بالولادة وبالختان، والزواج، وأخذ البرنوس، وحناء العروس، قبل أخذها إلى بيت زوجها. ولم يقل داروي لماذا تحتاج هذه الموسيقى بالذات إلى التجديد، وهي كما قلنا محافظة على التقاليد. ألا يخرجها هذا التجديد عن أصالتها؟.

أما عن الآلات الأخرى غير الهوائية والوترية المذكورة، فقد ذكر السيد داروي آلة الكويترة التي كان العازف عليها يستعمل ريشة النسر. وهي نوع من القيثارة ذات الأوتار الثمانية. وقد عرفنا أنها كانت شائعة في تلمسان. وهناك آلات أخرى كان يستعملها العازفون أيضا، وهي الكمنجة والرباب ذو الوترين.

وإذا خرجنا من العاصمة فإننا نجد تلمسان التي تعد مركزا هاما للموسيقى العربية المسماة بالأندلسية. ولكن السيد داروي يذهب إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>