للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د - رأي قطاط: أما الذي تناول الموسيقى بتوسع وعمق فهو السيد محمود قطاط. ورغم أن دراسته تعتبر متأخرة عن الفترة التي نعالجها فإن وصف تطور الموسيقى واستعمالاتها وألوانها لم يتغير كثيرا. وكان السيد قطاط قد درس الموسيقى الجزائرية في عدة مناسبات وأجرى حولها بحوثا ميدانية والتقى بشخصياتها الباقية سنة ١٩٧٣، ثم سنة ١٩٧٨، وقد نشر بحثا عنها سنة ١٩٨٤، وهو الذي رجعنا إليه في المعلومات التالية (١). ونحن نعتبره من البحوث الجامعة والعميقة التي ربما لم يسبق بها. وقد استفاد قطاط من تجارب من سبقه، ومن الأحاديث التي أجراها مع الرعيل الباقي من الموسيقيين الذين تغلب عليهم الذاكرة والممارسة أكثر من التسجيل والكتابة.

ومنذ البداية عرف السيد قطاط الموسيقى الجزائرية بأنها من أسرة الموسيقى الواحدة في المغرب العربي، وأن هذه الموسيقى معتمدة على المقامات أو الطبوع ذات التوصيل الشفوي والتي تتبع النظام السباعي أو الخماسي أو المزج بينها. ونخرج من دراسته بأن هناك عدة أنواع من الموسيقى وليس نوعا واحدا، وهي الكلاسيكية (الأندلسية)، والشعبية والبربرية. وقد فصل في بعض الأنواع وأوجز في بعضها، وجاء بنماذج من النوبات الأندلسية ومراكز الموسيقى الشعبية، ولكنه اختصر الحديث عن الموسيقى البربرية والبدوية.

١ - بالنسبة للموسيقى الأندلسية التي يسميها الكلاسيكية، فهي موسيقى حضرية تمثل ما توصل إليه المجتمع المدني - العمراني، حسب لغة ابن خلدون، من رقي في الذوق الفني الموسيقى. وبذلك فهي غير مختصة بالجزائر أو تونس أو المغرب أو ليبيا، بل هي تراث حضاري مشترك يتميز


= سان سانس، وكان الأول من رجال الدين الفرنسيين، واهتم بدراسة الإسلام الحديث.
(١) محمود قطاط (التراث الموسيقي الجزائري) في مجلة (الحياة الثقافية)، تونس، عدد ٣٢، ١٩٨٤، ص ١٤١ - ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>