للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة تقريبا (١). وفي أوائل هذا القرن وقع الإلتفات إلى الجزائر الفولكلورية بتشجيع من شارل جونار الذي حكم الجزائر أكثر من عشر سنوات. وساهم إدمون يافيل بتسجيل هذه الموسيقى وإنشاء فرقة (جوق) لإنشادها والمحافظة عليها. وساعده على ذلك مجموعة من الفنانين الجزائريين المهمشين وعلى رأسهم محمد بن علي سفنجة. وبعد الحرب الأولى انطلقت التجارب والأنشطة على يد جيل جديد كان يساير حركة النهضة السياسية والثقافية. فكان رشيد القسنطيني الذي استعمل الغناء والمونولوج الساخر للطعن في البدع والخرافات والدعوة إلى اليقظة. واستعمل علالو أيضا المسرحية كوسيلة للتعبير والتوعية الشعبية.

وتولى محيي الدين باشں تارزي جمعية (المطربية) التي كان أسسها يافيل، ووظفها باشں تارزي في خدمة الغناء والموسيقى والتمثيل، وهو الذي طال عهده ومهر في فن المسرح، وأصبح كما يقول قوانار، مؤلفا ومغنيا وممثلا وموسيقيا ومنشطا. فكان باش تارزي بحق موهبة فريدة من نوعها. وقد طوع اللغة الدارجة للتعبير المسرحي. وتعاصر فترة مع رشيد القسنطيني الذي كان يقتبس من موليير وغيره، وقد ألف (أي رشيد) حوالي خمس عشرة ملهاة أو كوميديا، ومائة أغنية بالعربية الدارجة. وقد جلب الكثير من الجمهور الإسلامي. وتعتبر كوميديا (ابن عمي الاسطانبولي) من أشهر أعماله. وكان الموسيقار محمد ايقربوشن هو الضارب على البيانو، وقد أصبح من الموسيقيين العالميين (٢).

إننا لا نستطيع أن نفصل فنون المسرح والغناء والموسيقى والرقص عن بعضها دون أن نضر بها أو نتعسف معها. فهي فنون متصلة أشد الاتصال،


(١) باستثناء دراسة دانيال سالفادور. وقد أشار هو نفسه إلى أن آخرين درسوا الموسيقى ولم يفهموها، وعرفنا أن بقايا الفنانين كانوا متوفرين إلى حوالي ١٨٦٠، ثم احتل اليهود، فيما يبدو، مكان الصدارة فظهر يوسف عيني ثم يافيل. وكاد أثر محمد بن علي سفنجة يختفي لولا الإشارات إليه في دراسة رواني، وربما إشارات غيره أيضا.
(٢) انظر عنه فصل الفنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>