للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى فإن للشرق سحره وجاذبيته في أذهان الجزائريين. فكل دارس لتاريخ الإسلام والحضارة العربية يتذكر الرنين الذي يحدثه في قلبه اسم مكة والمدينة، واسم بغداد ودمشق، والقاهرة والأزهر، وأسطانبول والقدس. كما كان لدعوة الجامعة الإسلامية التي ظهرت على يد جمال الدين الأفغاني ثم تبانها السلطان عبد الحميد الثاني، تأثيرها الخاص على الجزائريين. وكانت بعض الطرق الصوفية، كالسنوسية، قد جعلت من سياستها دعوة الجزائريين إلى الهجرة إلى أرض الإسلام (١). أما تونس والمغرب وليبيا فقد كانت بوابات الأمان بالنسبة للجزائريين المضطهدين، من عهد الأمير عبد القادر إلى عهد ابن باديس. ولكن احتلال الفرنسيين لتونس فالمغرب ثم سورية قد غير من أوضاع الجزائريين في هذه البلدان أيضا (٢).

تذكر المصادر الفرنسية تواريخ مختلفة للهجرة نحو المشرق. فهذا أوغسطين بيرك يذكر السنوات التالية كمعالم بارزة في تاريخ الهجرة، وهي: ١٨٣٠، ١٨٣٢، ١٨٥٤، ١٨٦٠، ١٨٧٠، ١٨٧٥، ١٨٨٨، ١٨٩٨، ١٩١٠، ١٩١١. وهناك تواريخ أخرى ألح عليها كل من آجرون وباردان، وهي: ١٨٣٧، ١٨٤٩، ١٨٦٤. ويذكر باردان أن حركة الهجرة تكثفت بين ١٨٤٧ - ١٨٥٤، ثم سنة ١٨٩٦، ونعرف أن سنة ١٩١١ قد شهدت هجرة غير عادية نتيجة فرض التجنيد الإجباري. ومن ذلك نتبين أن الهجرة لم تنقطع بين ١٨٣٠ - ١٩١٤ نحو المشرق، وكذلك تونس والمغرب، ولكن الفرق في الكثافة وفي موقف السلطات الفرنسية من التغاضي عنها أو منعها.

والمناطق التي شهدت حركة الهجرة تختلف أنباء. في المرحلة الأولى


(١) بيير باردان (الجزائريون والتونسيون في الدولة العثمانة)، فرنسا (؟) ١٩٧٩ أفكار عامة. انظر كذلك فصل الطرق الصوفية من كتابنا هذا.
(٢) تذكر السيدة ديفرو بامبر PEMBER في (مظاهر الجزائر) لندن ١٩١٢، ص ١٤٣ أن من أسباب الهجرة المراباة اليهودية وحرص الكولون على شراء الأرض التي يضطر أهلها إلى بيعها، ويجب أن نضيف ذلك إلى حرص السلطات نفسها أيضا .. انظر لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>