للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تونس في اتجاه المشرق. وكانت أكبر هجرة شهدتها النواحي الشرقية (سطيف، أم البواقي، العين البيضاء، قسنطينة، الخ) هي التي وقعت في آخر القرن الماضي. ثم سنة ١٩١٠. أما نواحي بسكرة وسوف فشهدت موجة من الهجرة سنة ١٨٩٥ نحو المشرق، (ومنها عائلة الشيخ العقبي) ثم خلال الثلاثينات من هذا القرن.

كان بعض المهاجرين يحملون جواز سفر من السلطات الفرنسية على أساس الذهاب إلى الحج في أغلب الأحيان. ولكن عدم منح الجواز لا يمنع المهاجرين من الخروج بطرق أخرى. غير أن السلطات الفرنسية كانت تدخل وتمنع الحج والهجرة معا. أما منع الحج (وهو ذرية للهجرة) فقد تحدثنا عنه في غير هذا (١). وأما منع الهجرة فقد ثبت تدخل الحكام الفرنسيين فيها عدة مرات. مثلا تدخل الحاكم العام شانزي سنة ١٨٧٥ ومنع الهجرة. وكان القناصل الفرنسيون أنفسهم في الشام وغيره يطالبون بمنع الهجرة لأنها تضر بسمعة فرنسا في المشرق. وفي ١٨٩٥ تدخل الحاكم العام جول كامبون ومنع الهجرة أيضا. وكان قد استصدر فتوى من علماء المشرق لا تشجع على الهجرة من الجزائر باسم الخوف على الدين (٢). وبعد الهجرة الجماعية سنتي ١٩١٠، ١٩١١ منع الحاكم العام شارل جونار الهجرة أيضا، وأغلق الحدود الجزائرية (٣).

لا تذكر المصادر الفرنسية تفاصيل بالأرقام عن عدد المهاجرين من كل مدينة أو ناحية في الجزائر، سيما قبل ١٨٧٠. وما تذكره هذه المصادر هو عادة أرقام يسجلها القناصل عن الواصلين الذين سجلوا أنفسهم. وهي أرقام غير دقيقة، لأنها أحيانا. غير صحيحة أصلا. تقول بعض الوثائق إنه قد وصل


(١) انظر فصل السلك الديني والقضائي.
(٢) انظر ذلك في فصل مذاهب وتيارات - الهجرة. انظر أيضا ديبون وكوبولاني (الطرق الدينية الإسلامية)، الجزائر ١٨٩٧، ص ٣٧.
(٣) منذ ١٩٠٦ بدأت الهجرة نحو فرنسا، وهي هجرة العمال، وضاعفت مع الحرب العالمية (١٩١٤ - ١٩١٨). وليست هذه الهجرة من شأننا الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>