بوابة الشرق لهم. وإذا كانت الهجرة نحو المغرب معظمها من النواحي الغربية فإن الهجرة نحو تونس كانت في معظمها من النواحي الشرقية، بما في ذلك قسنطينة وبجاية ووادي سوف، وعنابة وخنشلة والخنقة وسطيف وبسكرة وتبسة والحضنة، إضافة إلى المدن الأخرى القريبة من الحدود مثل سوق أهراس والقالة. وكذلك قصد تونس أهل ميزاب للعلم والتجارة، وقصد أهل الوسط وأهل الصحراء في المناطق الأخرى تونس أيضا للإقامة بها أو مرورا منها إلى الحج والعمرة والهجرة إلى المشرق. ولا يتسع المقام لوصف استقبال تونس للجزائريين الذين قصدوها أيام المحن وبعد فشل الثورات، فقد توجهت أفواجهم إليها بعد احتلال قسنطينة، وقلب الفرنسيين على الأمير في بسكرة والأوراس، وبعد ثورة ١٨٥٧ في زواوة، وقصدها المقرانيون وأنصارهم سنة ١٨٧٢ كما هرب إليها زعماء ثورة ورقلة والأغواط، وأنصار بوشوشة في متليلي وتوات.
من أبرز علماء الجزائر ومجاهديها الذين هاجروا إلى تونس أو مروا بها نذكر: قدور بن رويلة من العاصمة، ومحمد بن الحاج من سيدي عقبة، وكلاهما كان من قادة الأمير وحلفائه. ومصطفى بن عزوز الذي هاجر من برج طولقة بعد احتلال بسكرة، وأسس زاوية نفطة الشهيرة - وهي زاوية رحمانية. ومن أكبر الوجوه التي ظهرت في هذه الأسرة (ابن عزوز) نذكر المكي بن عزوز الذي تعلم في تونس وأصبح من علماء الزيتونة وكان من أعلام عصره. ثم الشيخ محمد الخضر حسين الذي وصل إلى مشيخة الأزهر. وقد أخرجت زاوية نفطة علماء أفذاذأ منهم الشيخ عاشور الخنقي والشيخ العربي التبسي والشيخ عبد القادر الياجوري ومحمد بن عبد السلام. كما حل بتونس ناصر بن شهرة، الفارس المغوار الذي شارك في مختلف الثورات من سنة ١٠ إلى سنة ١٨٧٥. وهناك عائلات أخرى نفتها السلطات الفرنسية أو اختارت الهجرة إلى تونس مثل عائلة المدني وبوشوشة (وهو غير الثائر المعروف) والسنوسي والثعالبي والقلاتي واللقاني (١).
(١) هاجر الكثير من زواوة إلى تونس، لذلك نجد بينهم أسماء مثل الدلسي والجنادي.