في سنة ١٨٢٧. وعلى اثر الحملة وجدنا التعاون على أشده بين حسونة دغيز والجالية الجزائرية في أوروبا، ولا ندري ما التعاون الذي وجده الجزائريون في طرابلس نفسها أيضا. فقد كان الداي حسين يراسل باشا طرابلس منذ الأزمة مع فرنسا، وكانت عائلة الكرمانلي هي الحاكمة في طرابلس. ومهما كان الأمر فقد أعان دغيز صديقه حمدان خوجة على ترجمة كتاب (المرآة) الذي ظهر فيه (كره الفرنسيين) من الرجلين معا، وقد جاءت فيه عبارة أصبحت معروفة، وهي (اللهم ظلم الترك ولا عدل الفرنسيس). وقد لاحظ قنصل فرنسا في طرابلس خلال الخمسينات، وهو بيليسييه دي رينو، أن كتاب المرآة (بالعربية؟) كان متوفرا بكثرة في ليبيا مما يدل على أن حسونة دغيز قد يكون روجه هناك مع أبناء حمدان خوجة.
وقد ظهر (كره الفرنسيين) في عدة حوادث رواها القنصل بيليسييه، وكانت قد جرت له مع أحد أبناء حمدان خوجة (وهو حسن) الذي أصبح متوليا وظيفة دفتر دار طرابلس في عهد عزت باشا، أي أثناء ثورة محمد بن عبدالله في الجزائر (١٨٥٠ - ١٨٦٠)، والمعروف أن محمد بن عبدالله هذا قد اتصل بعزت باشا ومحمد بن علي السنوسي قبل أن يدخل الجزائر ويعلن الثورة على الفرنسيين من ورقلة. وفي الخمسينات أيضا كان هناك تعاون جزائري - ليبي من نوع آخر وهو بداية (التدخل) السنوسي في الجزائر لإثارة السكان ضد الفرنسيين بالدعوة إلى الجهاد وحتى إلى الهجرة. ومن تاريخ السنوسية نعرف أن هناك أشخاصا بارزين من جهات التوارق وسوف وبسكرة أصبحوا من أعيان الحركة السنوسية بعد ١٨٥٠. ومن جهتها كانت فرنسا تحاول التوغل في ليبيا بحمايتها لبعض العائلات النافرة من حكم طرابلس العثماني (١) مثل عائلة ابن عبد الجليل
(١) في ١٨٣٥ أعادت الدولة العثمانية تنظيم حكمها في طرابلس حتى لا يقع هناك ما وقع في الجزائر، فألغت حكم الكرمنليين، وألحقت طرابلس بالباب العالي وذلك بتعيين باشا على طرابلس من قبل السلطان. وحاولت نفس الشيء مع تونس فلم تنجح لمعارضة فرنسا.