للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما كانت تنوه بدور الجزائريين فيها، وتبرز العلاقات بين الدولة العثمانية وفرنسا. ومن جهته كتب الشاعر الشعبي محمد بن اسماعيل، وهو من العاصمة، قصيدة طويلة، أشاد فيها بالدولة العثمانية والجامعة الإسلامية القديمة، والخلافة والمشاعر الدينية والروابط مع المشرق والتاريخ المشترك (١). إن حرب القرم جاءت لتذكر الجزائريين بالعلاقات بينهم وبين الدولة العثمانية (الخلافة). ونحن لا نستبعد أن يكون استعجال الفرنسيين في استعادة الفرقة الجزائرية وراء الخوف من ازدياد التأثير على الجزائريين في المشرق سواء من المهاجرين السابقين أو من العثمانيين أنفسهم (٢).

ومع الحرب السبعينية وجدنا حركة محيي الدين بن الأمير عبد القادر الذي حاول تثوير الجزائر من جهة تبسة وسوف. وقد جمع الأنصار من الغاضبين الجزائريين في تونس وليبيا، وراسل أعيان الطرق الصوفية وأعيان الأجواد والعلماء داعيا إياهم للجهاد، منذ خريف ١٨٧٠. وكان من نصرائه ناصر بن شهرة. ويبدو لنا أن الأمير محيي الدين كان يحمل دعم الخلافة العثمانية، وربما موافقة أبيه غير العلنية (٣). إن محاولة محيي الدين والمقرانيين لا يجب أن ينظر إليها على أنها محاولة فردية أو معزولة بعضها عن بعض من جهة ولا أنها منفصلة عن دعم الدولة العثمانية وتأييد الأمير عبد القادر، سيما بعد القبض على نابليون الثالث، من جهة أخرى.

كذلك نريد أن نربط بين حركة الأمير محيي الدين وظهور (الجمعية الخيرية الإسلامية) في الجزائر سنة ١٨٧١. وهي الجمعية التي بقيت غير معروفة إلا قليلا. وكانت العريضة الأولى التي وجهتها إلى الباب العالي


(١) انظر عنها فصل الشعر، وكان قد نشرها وعلق عليها محمد بن أبي شنب.
(٢) تذهب الروايات الفرنسية إلى أن سبب استعادة الفرقة بسرعة هو عدم فعاليتها، رغم أن صحافة الوقت أكثرت من الإشادة بشجاعة الجزائريين في الحرب، بما في ذلك إطراء جنرالات الإنكليز لهم. ولسنا ندري كيف يحسن الجزائريون الحرب في كل المعارك إلا في حرب القرم.
(٣) عن تدخل محيي الدين في أحداث الجزائر انظر لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>