للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده بل رافقه ابنه عبد القادر الذي كان أيضا ضابطا. ومحاربا شجاعا.

أما الموقف الثالث الذي جعل الأمير علي يبرز فهو الدور الذي لعبه أثناء الحرب العالمية الأولى كواسطة ومتكلم رسمي باسم أخيه الأمير عبد المالك الذي أعلن الثورة على الفرنسيين في المغرب الأقصى (١). وكان الأمير علي يتنقل خلال ذلك بين اسطانبول وبرلين ودمشق. وكان في نفس الوقت يدعم ماديا. جريدة (المهاجر) الناطقة باسم المهاجرين. وهي الجريدة التي كان ابنه الأمير سعيد أحد محرريها. أما رئيس تحريرها فكان محمد شطا الأغواطي، أحد المهاجرين المعادين للفرنسيين.

هذه هي سيرة الأمير علي باختصار، ولكن صورته لا تكتمل إلا ببعض التفاصيل. من ذلك أنه تولى حاكما على القنيطرة سنة ١٨٩٦، وكان متزوجا من شقيقة (عزت باشا العابد) أحد أعيان سورية والكاتب الثاني للسلطان عبد الحميد. وهذا الجاه هو الذي فتح له الطريق ربما إلى البرلمان أيضا. وقد انضم الأمير علي إلى جماعة تركيا الفتاة، وإلى جمعية الاتحاد والترقي. وكان رئيسا لفرع دمشق. وعند اندلاع حرب طرابلس (١٩١١) كان عمره ٤٨ سنة. وقد نزل درنة ثم بنغازي (بني غازي) ثم طرابلس. وكان يحمل فكرة عظيمة فيما يبدو، وهي طموح والده، والانتقام له، إذ قال في دمشق وهو يستعد للتوجه إلى ليبيا: إن والدي قاوم الفرنسيين ربع قرن وأنا سأقاوم الإيطاليين في ليبيا مدى الحياة، كما كان مقتنعا بدفاعه عن أرض العروبة والإسلام. وعندما حل بليبيا استقبله الناس بحفاوة خاصة. ولم تخل الاحتفالات من الجو الديني والصوفي أيضا. فحين أراد التوجه إلى مصراته أقيم له احتفال ضخم من قبل الطريقة القادرية هناك جرى فيه نقر الدفوف والحركات الصوفية. وقد دخل الأمير علي ضريح المرابط سيدي عبد الهادي، وصلى هناك العصر ثم خطب في الناس كما خطب فيهم ابنه عبد القادر من بعده (٢).


(١) عن ذلك انظر دراستنا عن الأمير عبد المالك في أبحاث وآراء، ج ١، وج ٣.
(٢) جورج ريمون (من داخل معسكرات الجهاد في ليبيا) ترجمة محمد عبد الكريم =

<<  <  ج: ص:  >  >>