للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالكية في مصر سنة ١٢٧٨. وكانت المراسلة في شكل استفتاء حول جواز أو عدم جواز بناء جامع جمعة ثان في المدينة الواحدة إذا ضاق الجامع الوحيد فيها بالمصلين. وكانت مسألة خلافية بين الشيخ البوجليلي وأهل بلدة بوجليل، وكان هو يرى جواز بناء المسجد الثاني. وبعد المراسلة وافقه الشيخ البشري على ذلك (١). وما ذكرناه ما هو إلا تأكيد لفتوى الشيخ البوجليلي.

وهذه الظاهرة كانت شائعة بين العلماء، فإذا احتاروا في مسألة أو أرادوا تأكيد أو تصحيح آرائهم من الناحية الشرعية، لجأوا إلى مراسلة العلماء المشاهير أو المؤسسات الإسلامية الكبرى. وكان أهل تلمسان يلجأون إلى علماء القرويين، وأهل قسنطينة يلجأون إلى علماء الزيتونة، بل أن القضاة في وادي سوف كانوا يبعثون إلى علماء الجريد وتونس العاصمة للاستعانة بآرائهم في أحكامهم إذا كانت مما يستوجب ذلك، كمراسلتهم إبراهيم الرياحي وعثمان بن المكي (٢).

وقد راسل بعض علماء الجزائر أعيان المشرق أيضا في شؤون أدبية ودنيوية. ومن ذلك ما نشره محمود بن الشيخ علي، الإمام بالمدرسة الفرنسية الرسمية، سنة ١٨٦٩ في جريدة (الجوائب) ومراسلة صاحبها أحمد فارس الشدياق. والمقالة كانت في شأن موضوع سياسي يعلق بالإدارة الفرنسية والانتخابات البلدية في الجزائر على عهد الحاكم العام المارشال ماكماهون. وقد قارن الكاتب فيها بين الانتخابات في أوروبا، وهي طريقة قديمة عندهم


(١) عمار طالبي (البوجليلي) في الملتقى ١٥ للفكر الإسلامي (الجزائر)، بحث مرقون.
(٢) بعض أخبار ذلك عند الشيخ محمد الطاهر التليلي في قمار. وتجدر الإشارة إلى استفتاءات الأمير عبد القادر لعلماء القرويين والأزهر في مواضيع عنت له أثناء المقاومة كفرض ضريبة حربية خاصة، وحكم المسلم الهارب للفرنسيين أو المحتمي بهم، ومسألة الهجرة من البلاد. انظر ذلك في (تحفة الزائر) وفي (أجوبة التسولي). انظر (أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد) تحقيق ودراسة عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح، دار الغرب الإسلامي، ١٩٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>