الجزائر بدأت منذ عقدين دون أن تغطيها في نظره، الصحف والمجلات المشرقية. وانتقد أيضا الكلمة (الهزيلة) التي كتبتها جريدة (السياسة) الأسبوعية المصرية. وكانت (الرسالة) محل نقد خاص عنده، لأنها تتخذ شعارها جمع أبناء البلاد العربية على وحدة الثقافة، ومع ذلك لم تكتب تقريظا للسجل المذكور رغم أن الجمعية قد أهدتها نسخة خاصة منه. ثم وجه الدراجي انتقاده إلى الزيات، صاحب الرسالة، على اهتمامه (براقصات أوروبا) وبالتوافه، ولكنه اعترف بأنه كتب عن الجزائر في إحدى افتتاحياتها العبارة التالية (وفي الجزائر رؤوس تدور من خدر السياسة، وقلوب تذوب من حرارة الظلم)، وانتقد الدراجي الشرقيين عموما على جهلهم بالأسماء الشخصية وأسماء المدن الجزائرية، فهم ينطقون وهران (أوران)، وقسنطينة (قسطنطين) بينما يتهالكون على كل ما هو أوروبي ولو كان مخلة بتقاليدنا مثل الروايات البوليسية (١).
ويدخل في هذا النطاق نقد الشيخ ابن باديس للشاعر أحمد شوقي الذي حكم، عند زيارته القصيرة للجزائر، على جهل وبؤس الجزائريين من خلال أطفالهم ماسحي الأحذية. وكان الشيخ أبو يعلي الزواوي الذي عاش طويلا في الشام ومصر كثير العتاب للمشارقة أيضا على قلة اهتمامهم بأحوال المغرب العربي، ولا نستثني من ذلك الشيخ الإبراهيمي الذي عاش في المشرق مرحلتين هامتين من حياته، وكانت له فيه صداقات وعلاقات.
وقد نالت مع ذلك، قضية تأبين الشاعرين شوقي وحافظ حصة من الاهتمام في الجزائر، وتتبع الجزائريون مبايعة شوقي بإمارة الشعر، وتأبينه بعد وفاته وزميله حافظ إبراهيم، بحنين كبير وحرص على المشاركة والحضور. ومع أن ظروفهم لم تسمح لهم بالمشاركة البدنية فقد اجتمعوا
(١) فرحات بن الدراجي (كلمة عتاب إلى إخواننا الشرقيين) في البصائر عدد ٣ ديسمبر ١٩٣٧. مقالة طويلة على ثلاث صفحات، وعدد الرسالة المشار إليه هو رقم ٤٢.