يهتم هذا الفصل بعناصر هامة في المسيرة الثقافية للجزائر. أولها الاستشراق الذي هو أحد مظاهر الغزو الثقافي الفرنسي. وسنتتبع خطوات الاستشراق الفرنسي من ١٨٣٠ لنعرف المراحل التي مر بها والنشاط الذي قام به رجاله وعلاقته بالإدارة الاستعمارية وبالدراسات العربية والاسلامية عموما. وقد عمل مع المستشرقين فريق من الجزائريين سنذكر بعضهم أيضا.
وكانت (مدرسة الجزائر) عنصرا أساسيا في هذه المسيرة الثقافية. وعبارة (مدرسة الجزائر) أطلقت عند البعض على تأثير الجزائر في الأدب الفرنسي وتلوينه بلون بيئتها ونكهتها. ولكننا هنا نستعمل عبارة (مدرسة الجزائر) للدلالة على الانطلاقة الفكرية للاستشراق الفرنسي والدراسات العلمية والبحث العلمي الناتج عن مراجعة تجربة التعليم وأثر حرب السبعين في الحياة الفرنسية، وقد بدأت هذه المدرسة في الظهور منذ آخر السبعينات عند إنشاء مدرسة الآداب العليا ١٨٧٩ وهي التي أصبحت كلية الآداب سنة ١٩٠٩. فهي مدرسة فكرية أثرت في الأدب والفن واللغة والتاريخ والعلاقات بين الجزائريين والفرنسيين، وفوق ذلك كله أطلقت الاستشراق الفرنسي من عقاله فانطلق دعم الجهود الاستعمارية في الجزائر وتونس والمغرب الأقصى وإفريقيا بل وفي الوطن العربي. وكان انعقاد مؤتمر المستشرقين الدولي الرابع عشر بالجزائر سنة ١٩٠٥ أحد المظاهر البارزة لتلك الانطلاقة.
ومن عناصر هذا الفصل نشاط الكنيسة ودورها منذ ١٨٣٠، وتكوين أسقفية الجزائر سنة ١٨٣٨، وجهود ديبوش وبافي ولافيجري في إحياء الكنيسة الكاثوليكية التى مضى على وفاتها إثنا عشر قرنا. فكان الاعتداء على