للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول مدير لمدرسة الآداب بالجزائر هو إيميل E. Masquery ماسكري. وهو من العلماء الأدباء الذين تركوا بصماتهم على الأدب الفرنسي أيضا إلى جانب الاستشراق. ولم يكن مستشرقا محترفا. فقد ولد في روان (فرنسا) سنة ١٨٤٣، وبعد تخرجه كان عليه أن يعلم في أحد الليسيات، فرماه حظه، كما قال في أحد كتبه (١)، في الجزائر سنة ١٨٧٢. التحق بليسيه الجزائر، ولكنه كان كثير الحركة فأخذ يزور مختلف المناطق في المناسبات. كما كانت الحكومة تكلفه بمهمات محددة. وقد حذق العربية ودرس التصوف على يد الشيخ علي ابن سماية الذي كان أستاذا في مدرسة الجزائر ومحررا في جريدة المبشر. زار زواوة والأوراس، وميزاب. بالنسبة للأولى زارها أول مرة سنة ١٨٧٣ بعد الثورة الشهيرة (ثورة المقراني والحداد)، ثم أخذ يتردد عليها، ولكنه كلف من الحكومة سنة ١٨٨٢ بمهمة خاصة هناك فتجول ورأى آثار الكنيسة ونشاط جنود الكاردينال لافيجري. وأوصى بتأسيس مدارس ابتدائية في بني يني وتيزي راشد وميرا وجمعة الصهاريج. كما كلفته الحكومة أيضا بمهمة في الأوراس فتجول في مختلف أجزائه سنوات ١٨٧٥ - ١٨٧٨، ثم كتب عن آثار المنطقة ولهجتها وتاريخها ووصف حياة أهلها في كتابات ما تزال ذات قيمة. وغداة احتلال فرنسا لميزاب تجول هناك أيضا وربط علاقة مع الشيخ محمد بن يوسف اطفيش، العالم الشهير. وطلب منه ماسكري أن يكتب تاريخا موجزا عن ميزاب فكتب له الشيخ اطفيش (الرسالة الشافية) (٢). ودرس ماسكري هناك الحياة الدينية والعادات والتشريعات.

ويبدو أن ماسكري قد ارتبط أيضا ببعض التجار الميزابين في قصر البخاري وكذلك ببعض النساخ في غرداية. وإذا كان الناسخ مكلفا بنسخ الكتب لماسكري فإن تاجر قصر البخاري كان أيضا عينا للفرنسيين - عن طريق ماسكري - فيما يتعلق بأحوال الصحراء وتحركات الثوار والأشخاص.


(١) كتاب (ذكريات ورؤى افريقية)، ط. ٢، ١٩١٤ بالجزائر.
(٢) انظر ترجمة الشيخ اطفيش في السلك الديني والقضائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>